كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

الذي قبلها على الحديث ولم يكن له مانع في صدر الكلام يقطعه عنه كما لو كان ذلك في غيرها فتح همزة إن وكسرها فإن كسرت همزتها كان الكسر فيها إشعارا بتجريد المعنى الذي هو التوكيد عن توطئة الجملة للعمل في معناها فليس بين المكسورة والمفتوحة فرق في المعنى إلا أنهم أرادوا توطئة الجملة لأن يعمل الفعل الذي قبلها في معناها وإن صيروها في معنى الحديث فتحوا الهمزة وإذا أرادوا قطع الجملة مما قبلها وأن يعتمدوا على التوكيد اعتمادهم على الترجي والتمني كسروا الهمزة لتؤذن بالابتداء والانقطاع عما قبل وأنهم قد جعلوا التوكيد صدر الكلام لأنه معنى كسائر المعاني وإن لم يكن في الفائدة مثل غيره وكان الكسر في هذا الموطن أولى لأنه أثقل من الفتح والثقل أولى أن يعتمد عليه ويصدر الكلام به والفتح أولى بما جاء بعد الكلام لخفته وأن المتكلم ليس في عنفوان نشاطه وجمامه مع أن المفتوحة قد يليها الضم والكسر كقولك لأنك وعلمت أنك فلو كسرت لتوالى الثقل فإن قيل: فما المانع أن تكون هي وما بعدها في موضع الابتداء كما كانت في موضع الفاعل والمفعول والمجرور أليس قد صيرت الجملة في معنى الحديث فهلا تقول إنك منطلق يعجبني وما الفرق بينها وبين أن التي هي وما بعدها في تأويل الاسم نحو أن تقوم خير من أن تجلس فلم تكون تلك في موضع المبتدأ ولا تكون هذه كذلك قيل: إن المبتدأ يعمل فيه عامل معنوي والعامل المعنوي لولا أثره في المعمول اللفظي لما عقل وهذه الجملة المؤكدة ب أن إنما يصح أن تكون معمولا لعامل لفظي لأن المعمول معنى أيضا فهذا لا يفهمه المخاطب ولا يصل إلى علمه إلا بوحي فامتنع أن تكون هذه الجملة المؤكدة في موضع المبتدأ لأنه لا ظهور للعامل ولا للمعمول ومن ثم لم تدخل عليه عوامل الابتداء من كان وأخواتها وإن وأخواتها لأنها قد استغنت بظهور عملها في الجملة عن حرف يصير الجملة في معنى الحديث المعمول فيه فلا تقول كان أنك منطلق لا حاجة إلى أن مع عمل هذه الحروف في الجملة وجواب آخر وهو أنهم لو جعلوها في موضع الابتداء لم يسبق إلى الذهن إلا

الصفحة 69