كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

به فهكذا ما في معناه بخلاف المفعول الأول من باب علمت فإنه ليس فاعلا لفظا ولا معنى هذا تقرير قولهم وقول إمام النحو هو الصواب ولا حاجة إلى تأويله هذا التأويل البارد وممن أنكر هذا التأويل السهيلي وقال: عندي أن قول سيبويه محمول على الظاهر لأنك لا تريد بقولك أعلمت زيدا أي جعلته عالما على الإطلاق هذا محال إنما تريد أعلمته بهذا الحديث فلا بد إذا من ذكر الحديث الذي أعلمته به فإن قيل: فهل يجوز أظننت زيدا عمرا قائما قيل: الصحيح امتناعه لأن الظن إن كان بعد علم ضروري فمحال أن ينقلب ظنا وإن كان بعد علم نظري لم يرجع العالم إلى الظن إلا بعد النسيان والذهول عن ركن من أركان النظر وهذا ليس من فعلك أنت به فلا تقول أظننته بعد أن كان عالما وإن كان قبل الظن شاكا أو جاهلا أو عاقلا لم يتصور أيضا أن تقول أظننته لأن الظن لا يكون عن دليل يوقفه عليه أو خبر صادق يخبره به كما يكون العلم لأن الدليل لا يقتضي ظنا ولا يقتضي أيضا شبهة كما بينه الأصوليون فثبت أن الظن لا تفعله أنت به ولا تفعل شيئا من أسبابه فلم يجز أظننته أي جعلته ظانا وكذلك يمتنع أشككته أي جعلته شاكا ولكنهم يقولون شككته إذا جذبته بحديث يصرفه عن حال الظن إلى حال الشك هذا كلام السهيلي وليس الأمر كما قال ولا فرق بين أعلمته وأظننته إلا من جهة السماع وأما الجواب مما ذكرناه فيقال ما المانع أن يكون أظننته أي جعلته ظانا بعد أن كان جاهلا أو شاكا مما ذكرته له من الأمارات والأدلة الظنية وقولك إن الظن لا يكون عن دليل يوقفه عليه أو خبر صادق يخبر به دعوى مجردة بل ظاهرة البطلان فإن الظن هو الرجحان فإذا ذكرت له أمارة ظاهرة لا توجب اليقين أفادته الرجحان وهو الظن وهذا كما إذا أخبرك من يثير خبره لك ظنا راجحا ولا ينتهي إلى قطع كالشاهد وغيره فدعوى أن الظن لا يكون عن دليل دعوى باطلة وإن أردت أنه لا يكون عن دليل قاطع لم يفدك شيئا فإنه يكون

الصفحة 72