كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

عن أمارة تحصل له ولا يلزم من كون الدليل لا يقتضي الظن إلا تقتضيه الإمارة وقوله: فثبت أن الظن لا تفعله أنت ولا تفعل شيئا من أسبابه يقال وكذلك العلم لم تفعله أنت به ولا شيئا من أسبابه إن أردت أنك لم تحدثه فيه وإن أردت أنك لم تتسبب إلى حصوله فيه فباطل فإن ذكر الأمارات والأدلة الظنية سبب إلى حصول الظن له وهذا أظهر من أن يحتاج إلى تقريره ويدل عليه قولهم شككته فإن معناه أحدثت له شكا بما ذكرته له من الأمور التي تستلزم شكه
فائدة:
كل فعل يقتضي مفعولا ويطلبه ولا يصل إليه بنفسه توصلوا إليه بأداة وهي حرف الجر ثم أنهم قد يحذفون الحرف لتضمن الفعل معنى فعل متعد بنفسه كما تقدم لكن هنا دقيقة ينبغي التفطن لها وهي أنه قد يتعدى الفعل بنفسه إلى مفعول وإلى آخر بحرف الجر ثم يحذف المفعول الذي وصل إليه بنفسه لعلم السامع به ويبقى الذي وصل إليه بحرف الجر كما قالوا نصحت لزيد وكلت له ووزنت له وشكرت له المفعول في هذا كله محذوف والفعل واصل إلى الآخر بحرف الجر ولا يسمع قولهم أربعة أفعال تتعدى بنفسها تارة وبحرف الجر أخرى ويذكرون هذه فإنه كلام مجرد عن تحقيق بل المفعول في الحقيقة محذوف فإن قولك نصحت له مأخوذ من نصح الخياط الثوب إذا أصلحه وضم بعضه إلى بعض ثم استعير في الرأي فقالوا: نصحت له أي نصحت له رأيه أي أخلصته وأصلحته له والتوبة النصوح إنما هي من هذا فإن الذنب يمزق الدين فالتوبة النصوح بمنزلة نصح الخياط الثوب إذا أصلحه وضم أجزاءه ويقولون نصحت زيدا فيسقطون الحرف لأن النصيحة إرشاد فكأنك قلت أرشدته وكذلك شكرت إنما هو

الصفحة 73