كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

فصل:
وأما سمع الله لمن حمده فقال السهيلي: مفعول سمع محذوف لأن السمع متعلق بالأقوال والأصوات دون غيرها فاللام على بابها إلا أنها تؤذن بمعنى زائد وهو الاستجابة المقارنة للسمع فاجتمع في الكلمة الإيجاز والدلالة على الزائد وهي الاستجابة لمن حمده وهذا مثل قوله عسى أن يكون ردف لكم ليست اللام لام المفعول كما زعموا ولا هي زائدة ولكن ردف فعل متعد ومعموله غير هذا الاسم كما كان مفعول سمع غير المجرور ومعنى ردف تبع وجاء على الأثر فلو حملته على الاسم المجرور لكان المعنى غير صحيح إذا تأملته ولكن المعنى ردف لكم استعجالكم وقولكم لأنهم قالوا: متى هذا الوعد ثم حذف المفعول الذي هو القول والاستعجال اتكالا على فهم السامع ودلت اللام على الحذف لمنعها الاسم الذي دخلت عليه أن يكون مفعولا وآذنت أيضا بفائدة أخرى وهي معنى عجل لكم فهي متعلقة بهذا المعنى فصار معنى الكلام قل عسى أن يكون عجل لكم بعض الذي تستعجلون فردف قولكم واستعجل لكم فدلت ردف على أنهم قالوا واستعجلوا ودلت اللام على المعنى الآخر فانتظم الكلام أحسن انتظام واجتمع مع الإيجاز معنى التمام قلت: فعل السمع يراد به أربعة معان أحدهما: سمع إدراك ومتعلقه الأصوات الثاني: سمع فهم وعقل ومتعلقه المعاني الثالث: سمع إجابة وإعطاء ما سئل الرابع: سمع قبول وانقياد فمن الأول: {سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} و {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا} ومن الثاني قوله: {لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا} ليس المراد سمع مجرد الكلام بل سمع الفهم والعقل ومنه سمعنا وأطعنا ومن الثالث سمع الله لمن حمده وفي الدعاء المأثور اللهم اسمع أي أجب وأعط ما سألتك ومن الرابع قوله تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} أي قابلون له ومنقادون غير

الصفحة 75