كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

منكرين له ومنه على أصح القولين: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} أي قابلون ومنقادون وقيل: عيون وجواسيس وليس بشيء فإن العيون والجواسيس إنما تكون بين الفئتين غير المختلطتين فيحتاج إلى الجواسيس والعيون وهذه الآية إنما هي في حق المنافقين وهم كانوا مختلطين بالصحابة بينهم فلم يكونوا محتاجين إلى عيون وجواسيس وإذا عرف هذا فسمع الإدراك يتعدى بنفسه وسمع القبول يتعدى باللام تارة وبمن أخرى وهذا بحسب المعنى فإذا كان السياق يقتضي القبول عدي ب من وإذا كان يقتضي الانقياد عدي باللام وأما سمع الإجابة فيتعدى باللام نحو سمع الله لمن حمده لتضمنه معنى استجاب له ولا حذف هناك وإنما هو مضمن وأما سمع الفهم فيتعدى بنفسه لأن مضمونه يتعدى بنفسه.
فصل:
ومما يتعلق بهذا قولهم قرأت الكتاب واللوح ونحوهما مما يتعدى بنفسه وأما قرأت بأم القرآن وقرأت بسورة كذا كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " رواه البخاري ومسلم ففيه نكتة بديعة قل من يتفطن لها وهي أن الفعل إذا عدى بنفسه فقلت: رأت سورة كذا اقتضى اقتصارك عليها لتخصيصها بالذكر وأما إذا عدي بالباء فمعناه لا صلاة لمن لم يأت بهذه السورة في قراءته أو في صلاته أي في جملة ما يقرأ به وهي لا يعطى الإقتصار عليها بل يشعر بقراءة غيرها معها وتأمل قوله في الحديث كان يقرأ في الفجر بالستين إلى المائة كيف تجد المعنى أنه يقرأ فيما يقرأ به بعد الفاتحة بهذا العدد وكذلك قوله: "قرأ ب الأعراف إنما هي بعد الفاتحة وكذلك قرأ بسورة ق ونحو هذا" وتأمل كيف لم يأت بالباقي قوله: "قرأ سورة النجم فسجد وسجد معه المسلمون والمشركون" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي فقال قرأ سورة النجم ولم يقل بها لأنه لم يكن في صلاة فقرأها وحدها وكذلك قوله: قرأ على الجن سورة الرحمن" حسن لغيره ولم يقل بسورة

الصفحة 76