كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

حالا فيكون من باب قوله تعالى: {لِسَاناً عَرَبِيّاً} وهي الحال الموطئة لأن الصفة وطأت الاسم الجامد أن يكون حالا فإن حذفت الاسم وبقيت الصفة وحدها لم يكن في الحال إشكال نحو: سرت شديدا ويبين ما قلناه إن قولك سرت شديدا هي حال من المصدر الذي دل عليه الفعل فإذا أردت بالمصدر هذا المعنى كان بمنزلة الحال ويجوز تقديمه وتأخيره إذا كان مفعولا مطلقا أو حالا ولا يجوز تقديمه على الفعل إذا كان توكيدا له لأن التوكيد لا يتقدم على المؤكد والعامل فيه إذا أردت معنى الحال الفعل نفسه والعامل فيه إذا كان مفعولا مطلقا ليس هو لفظ الفعل بنفسه وإنما هو ما يتضمنه من معنى فعل الذي هو فاء وعين ولام لأنك إذا قلت ضربا فالضرب ليس بمضروب ولكنك حين قلت: ضربت تضمن ضربت معنى فعلت لأن كل ضرب فعل وليس كل فعل ضربا فصار هذا بمنزلة تضمن الإنسان الحيوان وإذا كان كذلك فضربا منصوب بفعلت المدلول عليها بضربت حتى كأنك قلت: فعلت ضربا ولا يكون المصدر مفعولا مطلقا حتى يكون منعوتا أو في حكم المنعوت وإنما يكون توكيدا للفعل لأن الفعل يدل عليه دلالة مطلقة ولا يدل عليه محدودا ولا منعوتا وقد يكون مفعولا مطلقا وليس ثم نعت في اللفظ إذا كان في حكم المنعوت كأنك تريد ضربا تاما فلا يكون حينئذ توكيدا إذ لا يؤكد الشيء بما فيه معنى زائدا على معناه لأن التوكيد تكرار محض تكليم الله لموسى احتج بعض أهل السنة على القائلين من المعتزلة بأن تكليم الله لموسى عليه السلام مجاز بقوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} فأكد الفعل بالمصدر ولا يصح المجاز مع التوكيد قال السهيلي: فذاكرت بها شيخنا أبا الحسن فقال: هذا حسن لولا أن سيبويه أجاز

الصفحة 78