كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

ما يمتنع معه حملها على ما ذكره وهو أنه ذكر الوحي المشترك ثم ذكر عموم الأنبياء بعد محمد ونوح ثم ذكر موسى بعينه بعد ذكر النبيين عموما ثم ذكر خصوص تكليمه ثم أكده بالمصدر وكل من له أدنى ذوق في الألفاظ ودلالتها على معانيها يجزم بأن هذا السياق يقتضي تخصيص موسى بتكليم لم يحصل لغيره وأنه ليس تكليما ما فما ذكره أبو الحسن غير حسن بل باطل قطعا والذي غره ما اختاره سيبويه من حذف صفة المصدر وإرادتها وسيبويه لم يذكر هذا في كل مصدر كان هذا شأنه وإنما ذكر أن هذا مما يسوغ في الجملة فإذا كان في الكلام ما يدل على إرادة التأكيد دون الصفة لم يقل سيبويه ولا أحد أنه موصوف محذوف يدل على تقليله كما إذا قيل: صدقت الرسول تصديقا وآمنت به إيمانا أو قيل قاتل فلان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قتالا ونصره نصرا وبين الرسول لأمته تبينا وأرشدهم إرشادا وهداهم هدى فهل يقول سيبويه أو أحد أن هذا يجوز أن يكون موصوفا والمراد تصديقا وإيمانا ما وتبيينا ما وهدى ما فهكذا الآية والله تعالى الموفق للصواب. قال السهيلي: وسألته عن العامل في المصدر إذا كان توكيدا للفعل والتوكيد لا يعمل فيه المؤكد إذ هو هو في المعنى فما العامل فيه فسكت قليلا ثم قال ما سألني عنه أحد قبلك وأرى أن العامل فيه ما كان يعمل في الفعل قبله لو كان اسما لأنه لو كان اسما لكان منصوبا بفعلت المتضمنة فيه ثم عرضت كلامه على نفسي وتأملت الكتاب فإذا هو قد ذهل عما لوح إليه سيبويه في باب المصادر بل صرح وذلك أنه جعل المصدر المؤكد منصوبا بفعل هو التوكيد على الحقيقة واختزل ذلك الفعل وسد المصدر الذي هو معموله مسده كما سدت إياك وزيدا مسد العامل فيهما فصار التقدير ضربت ضربت ضربا فضربت الثانية: هي التوكيد على الحقيقة وقد سد ضربا مسدها وهو معمولها وإنما يقدر عملها فيه على أنه مفعول مطلق لا توكيد هذا معنى قول صاحب الكتاب مع زيادة شرح ومن تأمله هناك وجده كذلك والذي أقول به الآن

الصفحة 80