كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

قول الشيخ أبي الحسن لأن الفعل المختزل معنى والمعاني لا يؤكد بها وإنما يؤكد بالألفاظ وقولك ضربت فعل مشتق من المصدر فهو يدل عليه فكأنك قلت فعلت الضرب فضربت يتضمن المصدر ولذلك تضمره فتقول من كذب فهو شر له وتقيده بالحال نحو قمنا سريعا فسريعا حال من القيام فكما جاز أن تقيده بالحال وأن تكنى عنه جاز أيضا أن تؤكده بضربا كأنك قلت: ضربا ضربا أو نصب ضربا المتضمن ضربا المصرح به وبه يعمل في الثاني يعني فعلت كما كان ذلك في المفعول المطلق إذا قلت ضربت ضربا شديدا أي فعلت ضربا شديدا وليس المؤكد كذلك إنما ينتصب كما ينتصب زيد الثاني في قولك ضربت زيدا مكررا انتصب من حيث كان هو الأول لا أنك أضمرت له فعلا فتأمله.
فصل:
فيما يؤكد من الأفعال بالمصادر وما لا يؤكد:
قد أشرنا إلى أن الفعل قسمان خاص وعام فالعام فعلت وعملت وفعلت أعم لأن عملت عبارة عن حركات الجوارح مع دأب ولذلك جاء على وزن فعل كتعب ونصب ومن ثم لم تجدها يخبر بها عن الله سبحانه إلا أن يراد به سمع فيحمل على المجاز المحض ويلتمس له التأويل قلت: وقد ورد قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً} وقد تقدم له كلام أن اليد صفة أخص من القدرة والنعمة كما هو مذهب أبي الحسن الأشعري رحمه الله ونصر ذلك المذهب وارتضاه وعلى هذا فلا تأويل في الآية

الصفحة 81