كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

بل هي على حقيقتها على قوله: وأما الدأب والنصب وإثبات الجارحة فمن خصائص العبد والله تعالى منزه عن ذلك متعال عنه وخصائص المخلوقين لا يجوز إثباتها لرب العالمين بل الصفة المضافة إلى الله لا يلحقه فيها شيء من خصائصهم فإثباتها له كذلك لا يحتاج معه إلى تأويل فإن الله ليس كمثله شيء وقد تقدم أن خصائص المخلوقين غير داخلة في الاسم العام فضلا عن دخولها في الاسم الخاص المضاف إلى الرب تعالى وأنها لا يدل اللفظ عليها بوضعه حتى يكون نفيها عن الرب تعالى صرفا للفظ عن حقيقته ومن اغتفر دخولها في الاسم المضاف إلى الرب ثم توسل بذلك إلى نفي الصفة عنه فقد جمع بين التشبيه والتعطيل وأما من لم يدخلها في مسمى اللفظ الخاص ولا أثبتها للموصوف فقوله محض التنزيه وإثبات ما أثبت الله تعالى لنفسه فتأمل هذه النكتة ولتكن منك على ذكر في باب الأسماء والصفات فإنها تزيل عنك الاضطراب والشبهة والله تعالى الموفق للصواب. عاد كلامه قال: إذا ثبت هذا وما كان نحوها من الأحداث العامة الشائعة فإنها لا تؤكد بمصدر لأنها في الأفعال بمنزلة شيء وجسم في الأسماء فلا يؤكد لأنه لم يثبت له حقيقة معينة عند المخاطب وإنما يؤكد ما ثبت حقيقة والمخاطب أحوج إلى ذكر المفعول المطلق الذي تقع به الفائدة منه إلى توكيد فعلت فلو قلت له فعلت فعلت وأكدته بغاية ما يمكن من التوكيد ما كان الكلام إلا غير مفيد وكذلك لو قال: فعلت فعلا على التوكيد لأن المصدر الذي كنت تؤكد به لو أكدت قياسه أن يكون مفتوح الفاء لأنه ثلاثي والمصدر الثلاثي قياسه فتح فائه كما أن فعله كذلك قلت هذا ليس على إطلاقه فإن فعلت إذا أريد بها الفعل العام الذي لم تتحصل حقيقته عند المخاطب امتنع تأكيدها بل مثل هذا لا يقع في التخاطب وأما إذا أريد بها فعل خاص قد تحصلت حقيقته وتميزت عندهما كما إذا قال له أنت فعلت هذا وأشار إلى فعل معين فإنه إذا أكد الفعل وقال: فعلت فعلت كان الكلام مفيدا أبلغ فائدة وهذا إنما جاء من حيث كانت فعلت مرادا به الحدث الخاص وأكثر ما يجيء فعلت

الصفحة 82