كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

في الخطاب كذلك فتأمله قال: إذا ثبت هذا فلا يقع بعد فعلت إلا مفعول مطلق إما من لفظها فيكون عاما نحو فعلت فعلا حسنا ومن ثم جاء مكسور الفاء لأنه كالطحن والذبح ليس بمصدر اشتق منه الفعل بل هو مشتق من فعلت وإما أن يكون خاصا نحو فعلت ضربا فضربا أيضا مفعول مطلق من غير لفظ فعل فصار فعلت كطحنت طحنا وفعلت ضربا كطحنت دقيقا الاستغناء بالمفعول المطلق عن المصدر فإن قيل: ألم يجيزوا في ضربت ضربا وقتلت قتلا أن يكون مفعولا مطلقا فلم لم يكن مكسور الأول إذا كان مفعولا مطلقا ومفتوحا إذا كان مصدرا مؤكدا قيل ألم يقدم في أول الفائدة أنه لا يعمل في ضربا إذا كان مفعولا مطلقا إلا معنى فعلت لا لفظ ضربت فلو عمل فيه لفظ ضربت لقلت ضربا بالكسر كطحن وهو محال لأن الضرب لا يضرب ولكنك إذا شققت له اسما من فعلت التي هي عاملة فيه على الحقيقة فقلت: هو فعل وإن شققت له اسما من ضربت التي لا يعمل لفظها فيه لم يجز أن يجعلها كالطحن والذبح لأن الاسم القابل لصورة الفعل إنما يشتق لفظه من لفظ ما عمل فيه فثبت من هذا كله أن فعلت وعملت استغنى بمفعولها المطلق عن مصدرها لأنها لا تتعدى إلا إلى حدث وذلك الحدث يشتق له اسم من لفظها فيجتمع اللفظ والمعنى ويكون أقوى عند المخاطب من المصدر الذي يشتق منه الفعل ولذلك لم يقولوا صنعت صنعا بفتح الصاد ولا عملت عملا بسكون الميم ولا فعلت فعلا بفتح الفاء استغناء عن المصادر بالمفعولات المطلقة لأن العمل مثل القصص والنغص والصنع مثل الدهن والخبز والفعل مثل الطحن وكلها بمعنى المفعول لا بمعنى المصدر الذي اشتق منه الفعل وجميع هذه الأفعال العامة لا تتعدى إلى الجواهر والأجسام إلا أن يخبر بها عن خالقها وإنما تتعدى إلى الجواهر بعض الأفعال الخاصة تحت ضربت زيدا فهو مضروب على الإطلاق وإن اشتق له من لفظ فعلت مفعول به أي فعل به الضرب ولم يفعل هو جاز وأما حلمت في النوم حلما فهو بمنزلة فعلت وصنعت في اليقظة لأن جميع

الصفحة 83