كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)
لا محل تقليل فتأمل هذه المعاني التي لا تجدها في كتاب وإنما هي روضة أنف منح العزيز الوهاب فهمها وله الحمد والمنة وقد ذكرنا من هذا وأمثاله في كتاب التحفة المكية ما لو وجدناه لغيرنا لأعطيناه حقه من الاستحسان والمدح ولله تعالى الفضل والمنة أنواع الحب وأما جمع الشاعر له على ثلاثة أحباب لا يخرجه عن كونه مصدرا لأنه أراد أن الحب ثلاثة أنواع وثلاثة ضروب وهذا تقسيم للمصدر نفسه وهو تقسيم صحيح فإن للحب بداية وتوسطا ونهاية فذكر الشاعر الأقسام الثلاثة فحب البداية هو حب العلاقة ويسمى علاقة لتعلق القلب بالمحبوب قال الشاعر:
أعلاقة أم الوليد بعدما ... أفنان رأسك كالثغام المخلس
والحب المتوسط وهو حب التملق وهو التذلل والتواضع للمحبوب والانكسار له وتتبع مواقع رضاه وإيقاعها على ألطف الوجوه فهذا هو التملق وهو إنما يكون بعد تعلق القلب به والحب الثالث الذي هو يباشر القلب ويصطلم العقل ويذهب اللب ويمنع القرار وهذه المحبة تنقطع دونها العبارة وتمتنع إليها الإشارة ولي فيها من أبيات:
وما هي إلا الموت أو هو دونها ... وفيها المنايا ينقلبن أمانيا
فقد بان لك أن الشاعر إنما أراد جمع الحب الذي هو المصدر باعتبار أنواعه وضروبه ولنقطع الكلام في هذه المسألة فمن لم يشبع من هذه الكلمات ففي كتاب التحفة أضعاف ذلك والله الموفق.
عاد كلامه قال فإن قيل: فقد قالوا سقم وأسقام والسقم مصدر سقم فهذا جمع لاختلاف الأنواع لأنه اسم كما ذكرت قيل: هذه غفلة أليس قد قالوا سقم بضم السين فهو عبارة عن الداء الذي يسقم الإنسان فصار كالدهن والشغل وهو في ذاته مختلف الأنواع فجمع وأما المرض فقد يكون عبارة عن السقم والعلة فيجمع على أمراض وقد يكون مصدرا كقولك مرض فلا يجمع
الصفحة 89
290