كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

يسافر فيها فكرك عن وطنه ولم تتجرد في تحصيلها عن مألوفاتك بل هي عرائس معان تجلى عليك وتزف إليك فلك لذة التمتع بها ومهرها على غيرك لك غنمها وعليه غرمها.
فصل:
فلنرجع إلى كلامه قال وكل ما حدد من المصادر تجوز تثنيته وجمعه وما لم يحدد فعلى الأصل الذي تقدم لا يثنى ولا يجمع وقولهم إلا أن تختلف أنواعه لا تختلف أنواعه إلا إذا كان عبارة عن مفعول مطلق اشتق من لفظ الفعل لا عن مصدر اشتق الفعل منه ولذلك تجده على وزن فعل بالكسر وعلى وزن فعل نحو عمل والذي هو مصدر حقيقة ما تجده على وزن فعل نحو ضرب وقتل وأما الشرب بالفتح والضم والكسر فالشرب بالفتح هو المصدر والشرب بالضم عبارة عن المشروب أو عن الحدث الذي هو مفعول مطلق في الأصل وربما اتسع فيه فأجرى مجرى المصدر الذي اشتق الفعل منه كما قال تعالى: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} بالضم والفتح قلت هذه كبوة من جواد ونبوة من صارم فإن الشرب بالضم هو المصدر وأما المشروب فهو الشرب بكسر الشين قال الله في الناقة: {هَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} فهذا هو المشروب كما تقول قسم من الماء وحظ ونصيب تشربه في يومها ولكم حظ وقسم تستوفونه في يومكم وهذا هو القياس في الباب كالذبح بمعنى المذبوح والطحن للمطحون والحب للمحبوب والحمل للمحمول والقسم للمقسوم والعرس للزوجة التي قد عرس بها ونظائره كثيرة جدا وأما الشرب بالفتح فقياسه أن يكون جمع شارب كصاحب وصحب وتاجر وتجر وهو يستعمل كذلك وإطلاق لفظ الجمع عليه جريا على عادتهم والصواب أنه اسم جمع فإن فعلا ليس من صيغ الجموع واستعمل أيضا مصدرا وقد قرئت

الصفحة 96