كتاب البلاغة العربية (اسم الجزء: 2)

{وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار فَقَالُواْ ياليتنا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين} [الآية: 27] .
أي: ولو تَرَى إذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ لَرَأَيْتَ مَا هُمْ فيه من الرُّعْبِ وَالكَرْبِ والْحَسْرَةِ والنَّدَمِ شيئاً لا تستطيع وصفه بالعبارة.
الفائدة الرابعة: التخفيف على النُّطْق لكثرة دَوَرَانه في الكلام على الألسنة.
وهذه الفائدة تظهر في حذف أداة النداء، وحذف النون من فعل "يكُن" المجزوم، وحذف ياء المتكلم، وحذف مثل ياء "يَسْرِي" كما قال تعالى: {واللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} وحذف آخر المرخّم في النداء، ونحو ذلك.
الفائدة الخامسة: صيانة المحذوف عن الذكر تشريفاً له.
الفائدة السادسة: صيانة اللّسان عن ذكره فيحذَفُ تحقيراً له وامتهاناً.
الفائدة السابعة: إرادة العموم، مثل قولنا في الفاتحة خطاباً لربِّنا: {وَإيَّاكَ نَسْتَعين} أي: في أمور دنيانا وأُمور أخرانا.
الفائدة الثامنة: مراعاة التَّناظُر في الفاصلة، مثل قول الله عزّ وجلّ في سورة (الضُّحى/ 93 مصحف/11 نزول) :
{والضحى * والليل إِذَا سجى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى} [الآيات: 1 - 3] .
أي: وما قَلاَكَ.
الفائدة التاسعة: إرادة تحريك النَّفْس وشَغْلِهَا بالإِبهام الذي يتبعه البيان، حتى يكون البيان أوقع وأثبت في النفس.
مثل قول الله عزّ وجلّ في سورة (النحل/ 16 مصحف/ 70 نزول) :
{ ... وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الآية: 9] .
أي: ولو شاء هدايتكُمْ لسلبكُمُ الاختيار ولجعلكم مجبورين، وإذن لهداكم أجمعين.

الصفحة 42