كتاب البلاغة العربية (اسم الجزء: 2)

قالوا: إنّ مفعول المشيئة والإِرادة بعد الشرط لا يذكر غالباً إلاَّ إذا كان غريباً أو عظيماً.
***
ثانياً - شروط الحذف:
ذكروا شروطاً سبعة لجواز الحذف، منها ما هو بلاغيّ، ومنها ما يدور في فَلَكِ الصناعة النحويّة، ولكِنْ لم يتّضِحْ لي منها بلاغيّاً غير شرطين:
الشرط الأول: أنْ لا يُؤَدّيَ الحذْفُ إلى الجهل بالمقصود، فَيُشْتَرطُ أنْ يُوجَدَ دليلٌ يدلُّ علَى المحذوف، وقد يُعَبَّرُ عنه بالقرائن الدالة.
الشرط الثاني: أنْ لا يَكُونَ المحذوف مُؤكِّداً للمذكُور، إذْ الحذْفُ منافٍ للتأكيد.
والدليل الدّالُّ على المحذوف:
(1) إمَّا أنْ يكون من قرائن المقال الموجودةِ في السِّبَاق أَوْ في السِّيَاق.
(2) وإمَّا أن يكون من قرائن الحال.
(3) وإمّا أن يكون من المفاهيم الفكرية والاقتضاءات العقليَّة، واللّوازم الذهنيّة.
أمثلة:
المثال الأول:
قول الله عزّ وجلّ في سورة (النحل/ 16 مصحف/ 70 نزول) في عرض لقطة من أحداث يوم الدّين:
{وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتقوا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً ... } [الآية: 30] .
أي: قالوا: أنْزَلَ رَبُّنَا خَيْراً. إنّ إجابتهم تقتصر على ذكر المفعول به فقط، وهو لفظُ "خيراً" وقد دلَّت قرينة المقال في سباقه على المحذوف.

الصفحة 43