كتاب البلاغة العربية (اسم الجزء: 2)

البديعة اللفظية (10) : "لزوم مالا يلزم"

هو فنٌّ في الشعر وفي السجع يلتزم فيه الشاعر أو السَّاجع قبل الحرف الأخير من أبيات قصيدته، أو سجعاته ما لا يلزمه، كأن يكون الحرفان الأخيران متماثلين في كلّ القوافي، أو الثلاثة الأخيرة، أو تكون الكلمات مع ذلك متماثلة الوزن، إلى غير ذلك من التزام ما ليس بلازم في نظام التقفيات.
قال "عبد القاهر الجرجاني": لا يَحْسُ هذا النوع إلاَّ إذا كانت الألفاظ تابعةً للمعاني، فإنَّ المعاني إذا أُرْسِلَتْ عَلى سجيّتِها، وتُرِكَتْ ومَا تُرِيدُ طَلَبَتْ لأنْفُسِها الألفاظ، ولم تكْتَسِ إلاَّ مَا يَلِيقُ بها، فإن كان خلاف ذلك كان كما قال أبُو الطيّب:
إِذَا لَمْ تُشَاهِدْ غَيْرَ حُسْنِ شِيَاتِهَا ... وَأَعْضَائِهَا فَالْحُسْنُ عَنْكَ مُغَيَّبُ
وقد يقع في كلام بعض المتأخّرين ما حَمَلَ صاحبَه عَلَيْه فَرْطُ شغفة بأمور ترجح إلى ماله اسمٌ في البديع، على أنَّه نَسِيَ أَنَّهُ يتكلَّمُ لِيُفْهِم، ويَقُولُ ليُبين، ويُخَيَّلُ إلَيْه أنّه إذا جَمَعَ عِدَّةً من أقْسام البديع في بيتٍ، فلا ضَيْرَ أن يَقَعَ ما عَنَاهُ فِي عَمْياءِ، وأن يجعلَ السامع يتخبّطُ خبط عَشْواء" هـ.

الصفحة 532