كتاب البلاغة العربية (اسم الجزء: 2)

الفرع الثاني: "الْعَقْد":
وهو أن ينظم الشاعر نثراً لغيره لا على طريقة الاقتباس.
* ومن الْعَقْد قول أبي العتاهية:
مَا بَالُ مَنْ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ ... وَجِيفَةٌ آخِرُهُ يَفْخَرُ؟!
عقد أو العتاهية في هذا البيت قول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه:
"وَمَا لابْنِ آدَمَ والْفَخْرَ، وإِنَّمَا أَوَّلُهُ نُطْفَة، وآخِرُهُ جِيفَة".
ومن الْعَقْدِ قول أبي العتاهية أيضاً:
وَكَانَتْ فِي حَيَاتِكَ لِي عِظَاتٌ ... وَأَنْتَ الْيَوْمَ أَوْعَظُ مِنْكَ حَيّاً
عقَدَ في هذا البيت قول بعض الحكماء في الإِسْكَنْدَرِ لمّا توفّي:
كَانَ الْمَلِكُ أَمْسِ أنْطَقَ مِنْهُ الْيَوْم، وهُوَ الْيَوْمَ أَوْعَظُ مِنْهُ أَمْسِ".
***
الفرع الثالث: "الحلّ":
وهو أن يَنْثُر الكاتب أو المتكلّم شِعْراً لِغَيرِهِ، ويكون حَسَناً إذا كان سَبْكُ الحلِّ حسَنَ الموقع، مستقرّاً غير قَلِقٍ، وافِياً بمعاني الأصل، غَيْرَ ناقصٍ في الْحُسْنِ عن سَبْكِ أصْلِه، أو أن يكون بمثابة الشَّرْح لدقائقه، وإلاَّ كان عملاً غَيْرَ مقبولٍ في الأعمال الأدبية.
* ومن أمثلة الحلِّ الَّتي ذكرها البلاغيون قول بعض المغاربة، يَصِفُ شخصاً بأنَّه سَيِّئُ الظَّنّ، إذْ يَقِيسُ غَيْرَهُ عَلَى نَفْسِه:
"فَإِنَّهُ لَمَّا قَبُحَتْ فَعَلاتُهُ، وَحَنْظَلَتْ نَخَلاتُهُ، لَمْ يَزَلْ سُوءُ الظَّنِّ يَقْتَادُهُ، وَيُصَدِّقُ تَوَهُّمَهُ في الّذِي يَعْتَادُه".
حلّ بقوله قول المتنبّي:
إِذَا سَاءَ فِعْلُ الْمَرءِ سَاءَتْ ظُنُونُهُ ... وَصَدَّقَ مَا يَعْتَادُهُ مِنْ تَوَهُّم

الصفحة 541