كتاب البلاغة العربية (اسم الجزء: 2)

3- وقول أبي تمّام يُهنّئُ المعتصمَ بفتح عَمُّوِرِيّة، بادِئاً قصيدتَهُ باستهلالٍ بارعٍ يرُدُّ فيه على مزاعم المنجّمين الّذين زعَمُوا أنَّ عَمُّورية لا تفتَحُ في ذلك الوقت الذي تمّ فَتْحُها فيه:
السَّيْفُ أصْدَقُ أنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ ... فِي حَدِّهِ الحدُّ بَيْنَ الْجدِّ وَاللَّعِبِ
بِيضُ الصَّفَائِحِ لاَ سُودُ الصَّحَائِفِ فِي ... مُتُونِهِنَّ جَلاَءُ الشَّكِّ والرِّيَبِ
4- وقول أشْجَع السُّلَمي:
قَصْرٌ عَلَيْهِ تَحِيَّةٌ وَسَلاَمُ ... خَلَعَتْ عَلَيْهِ جَمَالَهَا الأَيَّامُ
5- وقول المتنبّي:
أَتُرَاهَا لِكَثْرَةِ الْعُشَّاقِ ... تَحْسَبُ الدَّمْعَ خِلْقَةً فِي الْمَآقِي
6- وقول المتنبي أيضاً يهنّئ سيف الدولة بالشفاء من مرض ألَمَّ به فيبدأ قصيدته باستهلالٍ بارع:
الْمَجْدُ عُوفِيَ إِذْ عُوفِيتَ والْكَرَمُ ... وزَالَ عَنْكَ إِلَى أَعْدَائِكَ الأَلَمُ
* ومن أمثلة البدايات السيّئة ما يلي:
1- قول ذي الرّمة حين دخل على هشام بن عبد الملك بن مروان:
مَا بَالُ عَيْنِكَ مِنْهَا الْمَاءُ مُنْسَكِبُ ... كَأَنَّهُ مِنْ كُلىً مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ
سَرَب: أي: قناةٌ تَسِيل.
وكان بعينيْ هشام رَمَشٌ فهيَ تدمَعُ أبداً، فظنَّ أنَّه يُعَرّض به، فقال: "بل عينك" وأمَرَ بإخراجه.
2- وقيل: لمَّا بنَى المعتصم قصْرَهُ بميْدَانِ بغداد، وجمع عظماء دولته، وجلس فيه في يوم الاحتفال به، أنْشَدَهُ إسحاقُ الموصلي:
يَا دَارُ غَيَّرَكِ الْبِلَى وَمَحَاكِ ... يَا لَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي أَبْلاَكِ

الصفحة 560