كتاب البلاغة العربية (اسم الجزء: 2)

ومن الحسن البديع في الختام أن يجمع خلاصة مختزلة لأمّهات الموضوع الذي سبق في الأوساط شرحه، مع التذييل بالعظة المقصودة، أو القاعدة الكليّة الاعتقاديّة الّتي بُنِيَ عليها الموضوعَ، أو اشْتُقَّ منها، أو اعتمد عليها.
ومن الحسن في الختام أن يشتمل على الثناء على الله والصلاة والسلام على نبيّه، أو أن يكون مشعراً فكريّاً بانتهاء الحديث عن الموضوع الذي يتحدّث عنه المتكلّم، كأن يكون شرحاً لآخر الأقسام، وقد استوفى المطلوب فيه.
وللبلغاء فنونٌ مختلفة كثيرة يختمون بها شعرهم أو نثرهم، ويكون آخِرُ كلامهم دالاًّ على أنَّهُمْ قد وصلوا فعلاً إلى آخر ما يقصدون من قول، وتتفاضل الخواتيم بمقدار ما فيها من إبداع دالّ على أنّها آخر القول.
* ومن أمثلة "براعة المقطع" ما يلي:
1- قول أبي نُواس من قصيدة يمدح فيها المأمون:
فَبَقِيتَ لِلْعِلْمِ الَّذِي تَهْدِي لَهُ ... وتقاعَسَتْ عَنْ يَوْمِكَ الأيَّامُ
2- وقول أبي تمّام في آخر قصيدته في ممدوحه:
فَمَا مِنْ نَدىً إلاَّ إلَيْكَ مَحِلُّهُ ... وَلاَ رِفْعَةٌ إلاَّ إلَيْكَ تَسِيرُ
3- وقول الأرّجَاني في آخر قصيدته في ممدوحه:
بَقِيتَ وَلا أَبْقَى لَكَ الدَّهْرُ كَاشِحاً ... فَإِنَّكَ في هذا الزَّمَانِ فرِيدُ
كاشِحاً: أي: عَدُوّاً مبغضاً.
4- وقول الآخر:
بَقِيتَ بَقَاءَ الدَّهْرِ يَا كَهْفَ أَهْلِهِ ... وَهَذَا دُعَاءٌ لِلْبَرِيَّةِ شَامِلُ
***

الصفحة 564