كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 2)

إياه، ولله النعمة على المحسن والحجة على المسيء، فما أولى من تمت عليه النعمة في نفسه، ورأى العبرة في غيره، أن يضع الدنيا بحيث وضعها، فيعطي ما عليه منها، ولا يتكثر مما ليس له فيها، فإن الدنيا دار فناء لا سبيل إلى بقائها، ولا بد من لقاء الله عز وجل، وأحذركم الله عز وجل الذي حذركم نفسه، وأوصيكم بتعجيل ما أخرته العجزة حتى صاروا إلى دار ليس لهم منها أوبة، ولا يقدرون فيها على توبة، وأنا أستخلف الله عز وجل عليكم، وأستخلفه منكم.
العرب تقول: البريء جريء والخائن خائف، ومن أساء استوحش.
ويقال: الجراءة من البذاءة.
قامت أم سلمة امرأة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن إلى المنصور وهو راكب ومعها ابناها فقال: من تكونين؟ فقالت: أنا أم ولد محمد ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن، وهذان ابناي منه، أيتمهما سيفك، وأضرعهما خوفك، فإن رأيت أن تعطف عليهما لشوابك القرابة، وأواصر الرحم، ولا تصعر خدك لهما، فتتبع الأولى الأخرى، فافعل، فقال المنصور:

الصفحة 206