كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 2)

شيئاً تمت، قيل: ما هو؟ قال: لو قال: هل رأيت قادراً قاهراً يعلم ما يكون، اتخذ عدواً لنفسه، وهو يقدر على خلاف ذلك؟ فأهدر دم غيلان.
انظر - أرشدك الله - تعالى كيف ماج بالناس هذا الرأي، وغمرهم فيه الهوى، وملكتهم الفتنة، ونأوا عن الحق، وخالفوا إلى الباطل، مع علمنا أن الحق أبلج، والباطل لجلج، وأن الأمر بين، والصواب ضاح؛ لقد جهل الله من استخرج أسرار فعله بعقله، وما قدره حق قدره من وزن إلهيته برأيه ألا ترى أن قدرته وراء عقلك، وحكمته فوق إدراكك، وتدبيره في خفاء من معرفتك، وإنما بين ما بين تشويقاً، وأغمض ما أغمض تحقيقاً، ليبقى بينك وبينه ما تكون به عبداً ويكون لك إلهاً.
اللهم إن خلقك رجموا دونك الظنون، وجانبوا في معرفتك اليقين، بعدما أزحت العلل، وأوضحت السبل، وحققت الحق، وأبطلت الباطل، وزينت المحلى، وحليت العاطل، فراموا الإحاطة بك، والوقوف على سرائرك، والمشاركة في إلهيتك، هذا وقد أعجزتهم عن الإحاطة بأنفسهم، والوقوف على سرائرهم.، ومشاركة بني جنسهم، وعرفتهم تناقض تدبيرهم في خلال أمورهم، ورميتهم بالذل في قعر عزهم، وضربتهم بالحاجة في نفس غناهم؛ اللهم فكن لنا لطيفاً، وبنا رؤوفاً، فإنك إن تركتنا في أوطان عجزنا، ومساكن ضعفنا، تمكن الهوى منا، ولعب الشيطان بنا، واستولى البلاء علينا. اللهم رحمتك

الصفحة 224