كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 2)

لعلك - أيدك الله - قد مللت ما سلف من البصائر والنوادر مما هو جد يوهي قواك، أو هزل يلهي قلبك، ولعمري في الهزل دواء النفس، وطرد لجاثم الكرب، وراكد الفكر، ولكني كما أرى لك أن تتداوى به، فإني أنهاك أيضاً عن الأستمرار فيه، لأن مأتاه سهل، ومأخذه شديد، وقل من ألف مواطن العبث، وألفاظ الخبث، إلا استماله الهوى، ولصقت به الغرة، وخيف عليه الهلاك، وإن الذي يتولد من الجد مع كزازة النفس، وسوء التأني، وبعد السهولة، وبغض التشدد، وثقل الروح، أرجح عند الله وأقرب إلى الطهارة وأدخل في باب الورع. جرس الله النعمة عليك، ولا شغلك التمتع بها عن الشكر لواهبها - فإن الشكر مربوط بالمزيد، وحق على واهب النعمة إذا رأى الإخلاص في الشكر أن يصلها، ويتابع المدد منها - وقربك إلى الخير، وصرفك به، وقصر همتك عليه، وجعل لك فيه تمام الرغبة، وغاية الطلبة، وأمنك عند تضاعف النعم من استدراجه، وثبتك عند ترادف المحن على منهاجه، ولا أخلاك من مواد توفيقه، وثمرات تحقيقه، بمنه وجوده، آمين.

الصفحة 227