كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 2)

الرجل من النظارين وأهل الجدل على طريق الإمامية.
هذا طرف مما تصرف فيه المحصلون الذين قالوا على بصيرة في المذهب، وبيان من المقالة، وتعقب لما اختاروه ودانوا به، وأما هواجس الجهال، وتسرع الناقصين فمما لا اعتداد به، ولا اعتماد عليه. أنا سمعت أبا الفرج البغدادي الصوفي، وكان ذا لسان ومنظر وهيبة، وقد سئل عن قوله تعالى " ولا تنيا في ذكرى " طه: 42 فقال: هذا سهل، هذا أريد به النأي، هكذا قال، فصار خطاؤه موشحاً، لأن النأي ليس بشيء، إنما يقال نأى إذا وقع الخبر عن التنائي الذي هو البعد، فاما تنيا فليس من النأي، ولا من نأى، لا من الاسم ولا من الفعل، إنما هو ونى يني، ونى وونياً، ومنه التواني والتقصير، والأمر منه: نه.
وأبو الفرج هذا أشرف على قوم وهم يتازعون بينهم: هل يقال فلان لغوي أو لغوي، وقد انتهب الكلام انتهاباً، وذهب بالصواب عنهم ذهاباً، فقال أحدهم: هذا أبو الفرج سلوه، فأقبلوا عليه وسألوا فقال: ما أبين الجواب وأظهر الحق!! أما سمعتم قول الله عز وجل لموسى " إنك لغوي مبين " القصص: 18، فتحول المجلس ضحكاً ولعباً.
وسمعت رجلاً يذهب مذهباً في الباطن يقول: والله ما أعجب إلا من قوم يعتقدون أن الجنة واحدة، والله عز وجل يقول " وجنات ألفافا

الصفحة 231