كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 2)

ويتعادى ويتواصل، وإن كان ذلك محصوراً بعدد فاذكره إلى آخره حتى ننظر إلى كثرة ما به نختلف، وقلة ما به نأتلف، فإن صح هذا بيننا عرفنا ما بيننا وبين الحق لنا.
وعرفني ما الحاجة إليه أشد، والعائد معه أمد، والقول فيه أسد، والنفع منه أرد: ما تأثير العقل، وما حكمه، وما غاية ما يناله، وما هو أولاً، وما حده وحقيقته من المحجوج به، وهل يستقل بنفسه، وما حكم من عدمه، وما مزية من منحه وأنعم عليه به، وما عوض من حرمه واقتطع عنه، وإلى أين يبلغ في البحث والعرفان، وهل له في الأزل استقلال، وهل له في الآخر استقرار، وما سبب تموجه واضطرابه، وشبهه وانقلابه، ومن أين مادته، وبأي شيء زيادته، وأين أفقه، وما غائلته، ومن أين فساده وما يمر به وعاقبته، وما نسبته إلى العدد، وما تعلقه بالحقن وأين يصيب التكليف به، وكيف اطرد الثواب والعقاب على صاحبه، والمدح والذم على الموسوم به؟ فإن الكلام في هذا الباب عظيم الجدوى، غزير النفع، جم الفوائد، حلو الثمرة، محمود العاقبة. ولو لم يكن في استنباط هذا المعنى، واستخرج هذا المغزى، إلا فساد التقليد، ومفارقة الجهل، ومواصلة الطلب، لكان فيه ما يجعل التعب فيه راحة، والمشقة فيه تنعماً، فكيف وقد قيل عن الله عز وجل إنه لما خلقه قال: بك آخذ وبك أعطي؟ وحدثني بعد هذا عن المحبة، وهل تتصف، وهل يكون الله تعالى محباً للعبد، وإن كان فعلى أي وجه، وأين مكان محبته للعبد من محبة العبد له، ومتى كان للمحبة حقيقة بطل فيها الفصل واستحال عليها التباين.
وأخبرني عن المعرفة - معرفة الله تعالى - وما هي أولاً حقيقتها؟

الصفحة 235