كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 2)
قد خوفك العقل، وسنح لك الخاطر، ونبهك الداعي، وأبلغك الواعظ، وعرفت آثار الله عز وجل في الظالمين، وثوابه للمحسنين، وتوبيخه للعاصين، وتحذيره للغاوين؛ أفمن بعد هذا يغمض عينه بصير، ويسد أذنه سامع؟ إن ذلك لهو الضلال المبين.
سأل ابن الكواء علياً رضي الله عنه عن القدر فقال: بحر عميق فلا تلجه، فأمهل ثم سأل، فقال: ستر الله فلا تكشفه، نقول بظاهر ما نرى، ثم يقضي الله تعالى بغيب ما يعلم؛ هذا ما قاله.
وقد تردد الحديث في هذا المعنى، وذلك بسب ظاهر لا يحتاج الناظر إليه إلى تحديق، وإن كان الباطن يحتاج فيه إلى تحقيق: لما كان التفاوت واقعاً بين الخلق في السعادة والشقاء، والشدة والرخاء، والبلادة والذكاء، والعلم والجهل، والعي والإفصاح، والشجاعة والجبن، والصدق والكذب، والحسن والقبح، والكرم واللؤم، والحب والبغض، والكراهة والإيثار، والتوقي والأسترسال، والشراسة والأستخذاء، والأمن والخوف، والعدل والحيف، والغنى والحاجة، والعز والمذلة، والسلامة والعطب، والراحة والتعب،
الصفحة 9
245