كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

ومِنَ الْغَدِ، وبَعْدَ الْغَدِ، والَّذِي يَلِيهِ، حتىَّ الْجُمُعَةِ الأخْرَى، وَقَامَ ذَلِكَ الإِعْرَابِيُّ، أوْ قَالَ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ تَهَدَّمَ البِنَاءُ، وَغَرِقَ الْمَالُ، فادْعُ اللهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْه فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَوالَيْنَا ولا عَلَيْنَا، فما يُشِيرُ بِيَدِهِ إلى نَاحِيةٍ من السَّحَابِ إلَّا انْفَرَجْت، وَصَارَتْ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ، وسَالَ الْوَادِي قَنَاةُ (¬1)، ولم يَجِيءْ أحَدٌ منْ نَاحِيةٍ إلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ (¬2).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته" أي: يتقاطر عليها، " وقام ذلك الأعرابي " بعد أن استمر المطر أسبوعاً كاملاً، " فقال: يا رسول الله تهدم البناء " أي سقطت المنازل بسبب كثرة الأمطار واستمرارها، " فرفع يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا " أي: اللهم أنزل الأمطار في ضواحي القرى والمدن، بعيدة عن الدور والمنازل، " فما يشير إلى ناحية من السحاب إلّا انفرجت " أي: تكشف السحاب عنها " وصارت المدينة مثل الجوبة " بفتح الجيم وسكون الواو، أي: مثل الحوض المستدير الخالي من الماء.
ويستفاد منه: مشروعية الاستسقاء أثناء خطة الجمعة عند الحاجة إليه.
وكذلك رفع اليدين عند الدعاء، وكرهه مالك، وأجازه غيره لحديث سلمان: " إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً " أخرجه الترمذي. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي. والمطابقة: في قوله: " فرفع يديه " أي: فرفع يديه يستسقي ويدعو الله بنزول الغيث.
...
¬__________
(¬1) ويقع وادي قناة في شمال المدينة بالقرب من أحد.
(¬2) أي بكثرة العشب والماشية والخير الكثير الذي أنعم الله به على عباده.

الصفحة 258