كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

212 - " بَاب "
252 - عَن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
أن رَجُلَيْنِ مِنْ أصْحَابِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ يُضِيئَانِ بَيْنَ أيدِيهُمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مع كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أتَى أهْلَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
212 - " باب "
252 - معنى الحديث: يحدثنا أنس رضي الله عنه " أن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وهما أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما فإنهما خرجا من مسجده - صلى الله عليه وسلم - " في ليلة مظلمة " من ليالي آخر الشهر حالكة الظلام لا أثر فيها لضوء القمر " ومعهما مثل المصباحين يضيئان بين أيديهما " أي فأمدهما الله بنور من عنده، فصار يسير معهما مثل المصباحين ينيران لهما الطريق " فلما افترقا صار مع كل واحد منهما مصباح حتى أَتى أهله " أي حتى وصل إلى منزله كَأنَّ الله قد عجّل لهما في الدنيا ما أخره لعباده الصالحين في الآخرة (¬1)، ووعدهم به في كتابه، وبشرهم به على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال عز وجل: (نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ) وقال - صلى الله عليه وسلم -: " بَشِّر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ".
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: فضل التردد على صلاة الجماعة في ظلمات الليل بالمساجد، فإنّ السائرين فيها في ظلمات الليل إن لم يجدوا نوراً حسياً ينير لهم الطريق وجدوا نوراً في وجوههم وبصائرهم في الدنيا، ونوراً بين أيديهم يوم القيامة. ثانياً: فضل هذين الصحابيين الجليلين، وما أكرمهما
¬__________
(¬1) كما أفاده القسطلاني ج 1.

الصفحة 38