كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 2)
{حتى يبلغ الهدي محله}: «محل» يحتمل أن تكون اسم زمان؛ والمعنى: حتى يصل إلى يوم حلوله - وهو يوم العيد -؛ وثبتت السنة بأن من قدّم الحلق على النحر فلا حرج عليه (¬١)؛ ويحتمل أن المعنى: حتى يذبح الهدي؛ وتكون الآية فيمن ساق الهدي؛ ويؤيد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ما بال الناس حلوا ولم تحل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر» (¬٢).
قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً} أي واحتاج إلى حلق الرأس؛ {أو به أذًى من رأسه} وهو صحيح، كما لو كان الرأس محلاً للأذى، والقمل، وما أشبه ذلك؛ {ففدية} أي فعليه فدية يفدي بها نفسه من العذاب {من صيام أو صدقة أو نسك}؛ {أو} هنا للتخيير؛ وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن «الصيام» ثلاثة أيام (¬٣)، وأن «الصدقة» إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع (٤)؛ وأما «النسك» فهو ذبح شاة (٤)؛ وهذه الجملة قد حذف منها ما يدل عليه السياق؛ والتقدير: فمن كان منكم مريضاً، أو به أذًى من رأسه، فحلق رأسه فعليه فدية.
{فإذا أمنتم} أي من العدو ــ يعني فأتموا الحج والعمرة ــ.
---------------
(¬١) راجع البخاري ص ١٠، كتاب العلم، باب ٢٣: الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها، حديث رقم ٨٣؛ ومسلماً ص ٨٩٥، كتاب الحج، باب ٥٧: جواز تقديم الذبح على الرمي ... ، حديث رقم ٣١٥٦ [٣٢٧] ١٣٠٦.
(¬٢) أخرجه البخاري ص ١٢٣ - ١٢٤، كتاب الحج، باب ٣٤: التمتع والقران، والإفراد ... ، حديث رقم ١٥٦٦، وأخرجه مسلم ص ٨٨٣، كتاب الحج، باب ٢٥: بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحاج المفرد، حديث رقم ٢٩٨٤ [١٧٦] ١٢٢٩.
(¬٣) سبق تخريجه ٢/ ٣٩٢.