كتاب تذكرة الحفاظ = طبقات الحفاظ للذهبي (اسم الجزء: 2)

الرحمن ابن أبي شريح الهروي وأبو مسلم الكاتب وخلق كثيرون إلى الغاية. وكان يقول: رأيت أبا عبيد ورأيت جنازته, وأول ما كتبت الحديث سنة خمس وعشرين, وحضرت مع عمي مجلس عاصم بن علي. قال أحمد بن عبدان الحافظ: سمعت البغوي يقول: كنت ضيق الصدر فخرجت إلى الشط وفي يدي جزء عن يحيى بن معين أنظر فيه فإذا بموسى بن هارون فقال: إيش معك؟ قلت: جزء عن يحيى بن معين, فأخذه من يدي ورماه في دجلة وقال: تريد أن تجمع بين أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي ابن المديني؟ قال ابن أبي حاتم: أبو القاسم البغوي يدخل في الصحيح.
وقال الدارقطني: كان البغوي قل أن يتكلم على الحديث فإذا تكلم كان كلامه كالمسمار في الساج. قال ابن عدي: كان البغوي صاحب حديث وكان وراقا كان يورق على جده وعمه وغيرهما, وكان يبيع أصل نفسه كل وقت -وأخذ ابن عدي يضعفه ثم في الآخر قواه وقال: طال عمره واحتاجوا إليه وقبله الناس قال: ولولا أني شرطت أن كل من تكلم فيه متكلم ذكرته وإلا كنت لا أذكره.
قلت: وقد احتج به عامة من خرج الصحيح كالإسماعيلي والدارقطني والبرقاني وعاش مائة سنة وثلاث سنين قال الخطيب: أبو بكر كان ثقة ثبتا فهما عارفا وقال السلمي: سألت الدارقطني عن البغوي فقال: ثقة جبل إمام أقل المشايخ خطأ وقال أبو يعلى الخليلي البغوي: شيخ معمر عنده عن مائة شيخ تفرد بهم في زمانه منهم الحكم بن موسى وطالوت بن عباد ونعيم بن الهيصم إلى أن قال: وهو حافظ عارف صنف مسند عمه, وقد حسدوه في آخر عمره فتكلموا فيه بشيء لا يقدح فيه وقال أبو أحمد الحاكم سمعت البغوي يقول ورقت لألف شيخ.
قرأت على أبي المعالي الأبرقوهي: أخبركم الفتح بن عبد السلام أن هبة الله بن الحسين أخبرهم قال أنا أبو الحسين بن النقور ثنا أبو القاسم عيسى بن علي إملاء نا أبو القاسم عبد الله بن محمد نا بشر بن الوليد الكندي نا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن أنس أنه أبصر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاتم ورق يوما واحدا فصنع الناس خواتيمهم من ورق فلبسوها فطرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاتمه فطرح الناس خواتيمهم ورأى في يد رجل خاتما فضرب أصبعه حتى رمى به.
وبه إلى البغوي: نا منصور بن أبي مزاحم نا إبراهيم بن سعد عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى في يد رجل خاتما من ذهب فضرب أصبعه حتى ألقاه؛ أرسله منصور قد علم أن أبا العباس بن الشحنة آخر من روى في الدنيا حديث البغوي عاليا وكان بينهما أربعة أنفس.

الصفحة 218