كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 10 """"""
الحديث لا في كله كحديث لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح فإن الحديث صدره ثابت، وقوله: أو جناح موضوع تعمده واضع تقرباً إلى الخليفة المهدي لما كان مشغوفاً باللعب بالحمام، وقد وقع نظير ذلك لليث هذا صاحب هذا الحديث فإنه روى عن مجاهد، وعطاء عن أبي هريرة في الذي وقع على أهله في رمضان قال له النبي صلى الله عليه وسلّم: أعتق رقبة قال: لا أجد، قال: اهد بدنة، قال: لا أجد، قال الحفاظ: ذكر البدنة فيه منكر والظاهر أن ليثاً إنما زادها غفلة وتخليطاً لا عن قصد وعمد والله أعلم.

حسن التسليك في حكم التشبيك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى: قال البخاري في صحيحه: (باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره) وأورد فيه حديث أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبك بين أصابعه) وحديث أبي هريرة (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم إحدى صلاتي العشي فصلى بنا ركعتين ثم سلم فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه) قال الحافظ ابن حجر في شرحه: حديث أبي موسى دال على جواز التشبيك مطلقاً. وحديث أبي هريرة دال على جوازه في المسجد فهو في غيره أجوز. ووقع في بعض نسخ البخاري قبل هذين الحديثين حديث آخر نصه: حدثنا حامد بن عمر ثنا بشر ثنا عاصم ثنا واقد عن أبيه عن ابن عمر قال: شبك النبي صلى الله عليه وسلّم أصابعه، قال الحافظ مغلطاي: هذا الحديث ليس موجوداً في أكثر نسخ الصحيح، وقال الحافظ ابن حجر: هو ثابت في رواية حماد بن شاكر عن البخاري قال ابن بطال: المقصود من هذه الترجمة معارضة ما ورد في النهي عن التشبيك في المسجد وقد وردت فيه مراسيل ومسند من طرق غير ثابتة، وقال ابن المنير: التحقيق أنه ليس بين الأحاديث تعارض إذ المنهي عنه فعله على وجه العبث، وجمع الإسماعيلي بأن النهي مقيد بما إذا كان في الصلاة أو قاصداً إليها إذ منتظر الصلاة في حكم المصلي، وقيل أن صورته تشبه صورة الاختلاف، فكره ذلك لمن هو في حكم الصلاة حتى لا يقع في المنهي عنه وهو قوله صلى الله عليه وسلّم للمصلين: ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وقال الحافظ مغلطاي في شرح البخاري: زعم بعضهم أن هذه الأحاديث التي أوردها البخاري في هذا الباب معارضة لحديث النهي عن التشبيك، وقال ابن بطال: إن حديث النهي ليس مساوياً لهذه الأحاديث في الصحة، وقال الأكثر: حديث النهي مخصوص بالصلاة وهو قول مالك: روي عنه أنه قال: إنهم لينكرون تشبيك الأصابع في المسجد وما به بأس إنما يكره في الصلاة ورخص فيه ابن عمر، وسالم ابنه، فكانا يشبكان بين أصابعهما في الصلاة، ثم قال مغلطاي: والتحقيق أنه ليس بين حديث النهي عن التشبيك وبين تشبيكه صلى الله عليه وسلّم بين أصابعه

الصفحة 10