كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 107 """"""
جعلهم الموصول مثلاً لقباً لبعض أنواع المعرفة ، وقد وقع للخطيب البغدادي أنه روى في تاريخه حديثاً باطلاً وقال عقبه : هذا حديث منكر ، فتعقبه الذهبي في الميزان وقال : العجب من الخطيب كيف يطلق المنكر على هذا الخبر الباطل وإنما أطلق المنكر على حديث القلتين ووصف في الميزان عدة أحاديث في مسند أحمد ، وسنن أبي داود ، وغيرهما من الكتب المعتمدة بأنها منكرة بل وفي الصحيحين أيضاً ، وما ذاك إلا لمعنى يعرفه الحفاظ وهو أن النكارة ترجع إلى الفردية ولا يلزم من الفردية ضعف متن الحديث فضلاً عن بطلانه ، وطائفة كابن الصلاح ترى أن المنكر والشواذ مترادفان ، وكم في الصحيح من حديث وصف بالشذوذ. كحديث مسلم في نفي قراءة البسملة في الصلاة فإن الإمام الشافعي رضي الله عنه حكم عليه بالشذوذ وليس لك أن تقول قد شرطوا في الصحيح أن لا يكون شاذاً فكيف يستقيم أن يكون مخرجاً في الصحيح ويحكم عليه بالشذوذ لأن هذا أيضاً من عدم معرفتك بالضعف ، فإن ابن الصلاح لما ذكر ضابط الصحيح وشرط أن لا يكون شاذاً قال في آخر الكلام : فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث ، فأشار إلى أن هذا ضابط الصحيح المتفق عليه ، وبقي من الصحيح نوع آخر لم يدخل في هذا الضابط وهو الصحيح المختلف فيه ولهذا قال الزركشي في شرح مختصر ابن الصلاح : خرج الصحيح المختلف فيه عن هذا التعريف ، ثم قال ابن الصلاح بعد هذا فوائد مهمة أحدها الصحيح يتنوع إلى متفق عليه ومختلف فيه ، ويتنوع إلى مشهور وغريب وبين ذلك ، قال الزركشي في شرحه ، والحافظ ابن حجر في نكته عند هذا الموضع : ذكر الحاكم في المدخل أن الصحيح من الحديث ينقسم عشرة أقسام خمسة متفق عليها وخمسة مختلف فيها فالأول من القسم الأول : اختيار البخاري ، ومسلم وهو الدرجة الأولى من الصحيح الذي يرويه الصحابي المشهور الذي له راويان ، والأحاديث المروية بهذا الشرط لا يبلغ عددها عشرة آلاف. الثاني : الصحيح بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى الصحابي وليس له إلا راو واحد. الثالث : أخبار جماعة من التابعين الذين ليس لهم إلا راو واحد. الرابع : هذه الأحاديث الأفراد ، والغرائب التي يرويها الثقات العدول تفرد بها ثقة من الثقات وليس لها طرق مخرجة في الكتب. الخامس : أحاديث جماعة من الأئمة عن آبائهم عن أجدادهم ولم تتواتر الرواية عن آبائهم عن أجدادهم بها إلا عنهم. وأما الأقسام الخمسة المختلف في صحتها : فالأول : المرسل صحيح عند أهل الكوفة. الثاني : رواية المدلسين إذا لم يذكروا سماعهم وهي صحيحة عند جماعة منهم. الثالث : خبر يرويه ثقة من الثقات عن إمام من أئمة المسلمين فيسنده ثم يرويه عنه جماعة من الثقات فيرسلونه. الرابع : رواية محدث صحيح السماع صحيح الكتاب ظاهر العدالة غير أنه لا يعرف ما يحدث به ولا يحفظه فإن هذا القسم صحيح عند أكثر أهل الحديث ومنهم من لا يرى الحجة به. الخامس : روايات المبتدعة وأهل الأهواء فإن رواياتهم عند أهل العلم مقبولة إذا كانوا

الصفحة 107