"""""" صفحة رقم 112 """"""
النبي صلى الله عليه وسلّم بالإجماع ، فأجاب الله دعاءه بالأمرين ببعث النبي صلى الله عليه وسلّم فيهم وتسميتهم مسلمين ولهذا أشار تعالى إلى أن إبراهيم هو السبب في ذلك بقوله : ) ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين ( كما تقدم عن ابن زيد ، أخرج ابن أبي حاتم عن سلام بن أبي حاتم عن سلام بن أبي مطيع في قوله : ) ربنا واجعلنا مسلمين لك ( قال : كانا مسلمين ولكن سألاه الثبات ، وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ) ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ( قال : يعنيان العرب ، وفي قوله : ) ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم ( قال : هو محمد صلى الله عليه وسلّم ، وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : ) ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم ( قال : يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلّم فقيل له قد استجيب لك هو كائن في آخر الزمان.
الدليل الثالث : قوله تعالى : ) ورضيت لكم الإسلام دينا ( هو ظاهر في الاختصاص بهم. فإن قلت : لا بلزم. قلت : ذاك لجهلك بقواعد المعاني فإن تقديم لكم يستلزمه ويفيد أنه لم يرضه لغيرهم كما قال صاحب الكشاف في قوله تعالى : ) وبالآخرة هم يوقنون ( أن تقديم هم تعريض بأهل الكتاب وأنهم لا يوقنون بالآخرة ، وكما قال الأصفهاني في قوله : ) وما هم بخارجين من النار ( أن تقديم هم يفيد أن غيرهم يخرج منها وهم الموحدون.
الدليل الرابع : قوله تعالى : ) إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا ( وبهذه الآية استدل من قال : إن الإسلام كان من وصف الأنبياء دون أُممهم أخرج ابن المنذر عن عكرمة ، وابن جريج في قوله : ) يحكم بها النبيون ( الآية قال : يحكم بها محمد صلى الله عليه وسلّم ومن قبله من الأنبياء والربانيون ، والأحبار كلهم يحكم بما فيها من الحق ليهود.
الدليل الخامس : ما أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده ، وابن أبي شيبة في مصنفه عن مكحول قال : كان لعمر على رجل حق فأتاه يطلبه فقال عمر : لا والذي اصطفى محمداً على البشر لا أفارقك ، فقال اليهود : والله ما اصطفى الله محمداً على البشر فلطمه عمر فأتى اليهودي النبي صلى الله عليه وسلّم فأخبره فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : ( بل يا يهودي آدم صفي الله وإبراهيم خليل الله وموسى نجي الله وعيسى روح الله وأنا حبيب الله ، بل يا يهودي تسمى الله باسمين سمى الله بهما أمتي هو السلام وسمى بها أمتي المسلمين ، وهو المؤمن وسمى بها أمتي المؤمنين ، بل يا يهودي طلبتم يوم ذخر لنا لنا اليوم ولكم غد وبعد غد للنصارى ، بل يا يهودي أنتم الأولون ونحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بل إن الجنة محرمة على الأنبياء حتى أدخلها ، وهي محرمة على الأمم حتى تدخلها أمتي ). هذا الحديث صريح في اختصاص أمته بوصف الإسلام كما أن جميع ما فيه خصائص لها ، ولو كانت الأمم مشاركة لها في ذلك لم يحسن إيراده في معرض التفضيل إذا كان اليهودي يقول ونحن أيضاً كذلك وسائر الأمم.
الدليل السادس : ما أخرجه البخاري في تاريخه ، والنسائي في سننه ، وابن مردويه في تفسيره عند قوله : ) هو سماكم المسلمين ( عن الحارث الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال :