كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 114 """"""
وعلى ملة إبراهيم فعلم بمجموع ذلك اختصاص الإسلام بملة النبي صلى الله عليه وسلّم التي بعث بها موافقاً لملة إبراهيم.
الدليل الثاني عشر : قوله تعالى : ) ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً ( هذه الآية دالة على أن شريعة موسى تسمى اليهودية. وشريعة عيسى تسمى النصرانية. وشريعة إبراهيم تسمى الحنيفية وبها بعث النبي صلى الله عليه وسلّم ، وهي صريحة في أن اليهود والنصارى لم يدعوا قط أن شريعتهم تسمى الإسلام ولا أن أحداً منهم يسمى مسلماً.
الدليل الثالث عشر : قوله تعالى : ) وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنفياً مسلماً ( هذه الآية كالتي قبلها في الدلالة على ما ذكرنا والصراحة في أنهم لم يدعوا اسم الإسلام لهم قط.
الدليل الرابع عشر : قوله تعالى : ) يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ( أخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلّم دعا يهود أهل المدينة وهم الذين حاجوا في إبراهيم وزعموا أنه مات يهودياً فأكذبهم الله فقال : ) يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم ( وتزعمون أنه كان يهودياً أو نصرانياً وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده فكانت اليهودية بعد التوراة وكانت النصرانية بعد الإنجيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : قالت النصارى كان إبراهيم نصرانياً. وقالت اليهود كان يهودياً ، فأخبرهم الله أن التوراة والإنجيل إنما أنزلتا من بعده ، وبعد كانت اليهودية والنصرانية ، هذا صريح في أن شريعة التوراة تسمى يهودية ، وشريعة الإنجيل تسمى نصرانية ، ولا يسمى واحد منهما إسلاماً.
الدليل الخامس عشر : قوله تعالى : ) وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا ( هذه الآية دالة على أن الإسلام خاص بهذا الدين وإلا لكان أهل الكتاب يقولون إذا قيل لهم أأسلمتم نحن مسلمون وديننا إسلام.
الدليل السادس عشر : ما أخرجه الشيخان في حديث بدء الوحي من قول الراوي في حق ورقة وكان امرءاً تنصر في الجاهلية فلو كان الدين الحق من ملة عيسى يسمى إسلاماً وصاحبه مسلم لقال وكان امرءاً اسلم في الجاهلية.
الدليل السابع عشر : ما أخرجه ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ابن حيان عن عبد الله ابن مسعود قال : تسمت اليهود باليهودية بكلمة قالها موسى إنا هدنا إليك وتسمت النصارى بالنصرانية بكلمة قالها عيسى : من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فتسموا بالنصرانية. هذا صريح في أنهم سموا بهذين الإسمين من عهد نبيهما ولم يسموا بالمسلمين قط ولا نقل ذلك عن أحد ولا عنهم ، فكيف يدعي لهم وصف شريف لم يدعوه هم لأنفسهم.

الصفحة 114