كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 135 """"""
الفجر فإذا قوم قد أسندوا ظهورهم إلى القبلة فقال : هكذا عن وجوه الملائكة ثم قال : لا تحولوا بين الملائكة وبين صلاتها فإن هذه الركعتين صلاة الملائكة. وأخرج أيضاً عن إبراهيم النخعي قال : كان يكرهون التساند إلى القبلة بعد ركعتي الفجر. وأخرج أحمد في مسنده عن حابس بن سعد وكانت له صحبة أنه دخل المسجد في السحر فرأى الناس يصلون في صفة المسجد فقال : إن الملائكة تصلي في السحر في مقدم المسجد ، دلت هذه الآثار على أن الملائكة تصلي في جماعتنا صلاة الفجر وتحضرها في مساجدنا ، ويرشحه ما أخرجه البخاري ، ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : ( تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر ) يقول أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم ) وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ( وأخرج أحمد ، والترمذي وصححه ، والنسائي ، وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم في قوله : ) وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ( قال : تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود أنه كان يحدث أن صلاة الفجر عندها يجتمع الحرسان من ملائكة الله ويقرأ هذه الآية.
وأخرج عن قتادة قوله : ) وقرآن الفجر ( قال : ) صلاة الفجر ( وفي قوله : ) كان مشهوداً ( يقول : ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون تلك الصلاة. وأخرج عن إبراهيم النخعي في قوله : ) وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ( قال : كانوا يقولون تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر فيشهدونها جميعاً ثم يصعد هؤلاء ويقيم هؤلاء.
الدليل الخامس : ما أخرجه سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي في سننه عن سلمان الفارسي موقوفاً ، والبيهقي من وجه آخر عن سلمان مرفوعاً قال : ( إذا كان الرجل في ارض فأقام الصلاة صلى خلفه ملكان فإن أذن وأقام صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى طرفاه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دعائه ). وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب قال : ( إذا أقام الرجل الصلاة وهو في فلان من الأرض صلى خلفه ملكان فإن أذن وأقام صلى خلفه من الملائكة أمثال الجبال ). وأخرج سعيد بن منصور عن مكحول قال : من أقام الصلاة صلى معه ملكان فإن أذن وأقام صلى خلفه سبعون ملكاً. دلت هذه الآثار على أن الملائكة يصلون خلفنا صلاتنا وذلك دليل على أنهم مكلفون بشرعنا ، ويرشح ذلك فرعان نص عليهما أصحابنا : الأول ما ذكره السبكي في الحلبيات أن الجماعة تحصل بالملائكة كما تحصل بالآدميين قال : وبعد أن قلت ذلك بحثاً رأيته منقولاً ، ففي فتاوى الحناطي من أصحابنا من صلى في فضاء من الأرض بأذان وإقامة وكان منفرداً ثم حلف أنه صلى بالجماعة هل يحنث أو لا ؟ فأجاب بأنه يكون باراً في يمينه ولا كفارة عليه لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : ( من أذن وأقام في فضاء من الأرض وصلى وحده صلت الملائكة خلفه صفوفاً ) فإذا حلف على هذا المعنى لا يحنث ، قال السبكي : وينبني على ذلك أن من ترك الجماعة لغير عذر وقلنا بأنها فرض عين هل نقول يجب القضاء كمن صلى

الصفحة 135