كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 139 """"""
تلك الحالة، ومنها أن الملائكة تنزل في كل سنة ليلة القدر على أمته وتسلم عليهم، ومنها أنها أعطيت قراءة سورة الفاتحة من كتابه ولم تعط قراءة شيء من سائر الكتب وهي حريصة على سماع بقية القرآن من الإنس دون سائر الكتب، ومنها أنه نزل إليه صلى الله عليه وسلّم في حياته من الملائكة ما لم ينزل إلى الأرض منذ خلق كإسرافيل، ومنها أن ملك الموت استأذن عليه ولم يستأذن على نبي قبله، ومنها أنه وكل بقبره الشريف ملك يبلغه سلام من يصلي عليه، ومنها أنه ينزل على قبره الشريف كل يوم سبعون ألف ملك يضربونه بأجنحتهم ويحفون به ويستغفرون له ويصلون عليه كل يوم إلى أن يمسوا فإذا أمسوا عرجوا وهبط سبعون ألف ملك كذلك حتى يصبحوا إلى أن تقوم الساعة، فإذا كان يوم القيامة خرج صلى الله عليه وسلّم في سبعين ألف ملك أخرجه ابن المبارك في الزهد عن كعب الأحبار.
خاتمة: في كشف الأسرار لابن العماد حكاية أن آدم عليه السلام أرسل إلى الملائكة لينبئهم بما علم من الأسماء فإن صح ذلك كان أحد الأدلة على إرساله صلى الله عليه وسلّم إليهم لأنه ما أوتي نبي فضيلة إلا أوتي نبيناً صلى الله عليه وسلّم مثلها أو نظيرها. وهذه القاعدة كالمجمع عليها، وممن نص عليها الإمام الشافعي رضي الله عنه، والحمد لله وحده.

أنباء الأذكياء بحياة الأنبياء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. وقع السؤال قد اشتهر أن النبي صلى الله عليه وسلّم حي في قبره وورد أنه صلى الله عليه وسلّم قال: (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام) فظاهره مفارقة الروح [له] في بعض الأوقات فكيف الجمع؟ وهو سؤال حسن يحتاج إلى النظر والتأمل.
فأقول حياة النبي صلى الله عليه وسلّم في قبره هو وسائر الأنبياء معلومة عندنا علماً قطعياً لما قام عندنا من الأدلة في ذلك وتواترت [به] الأخبار، وقد ألف البيهقي جزءاً في حياة الأنبياء في قبورهم، فمن الأخبار الدالة على ذلك ما أخرجه مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلّم ليلة أسري به مر بموسى عليه السلام وهو يصلي في قبره، وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلّم مر بقبر بموسى عليه السلام وهو يصلي فيه، وأخرج أبو يعلى في مسنده، والبيهقي في كتاب حياة الأنبياء عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون، وأخرج أبو نعيم في الحلية عن يوسف بن عطية قال سمعت ثابتاً البناني يقول لحميد الطويل: هل بلغك أن أحداً يصلي في قبره إلا الأنبياء؟ قال: لا، وأخرج أبو داود، والبيهقي عن أوس بن أوس الثقفي عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: (من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي الصلاة فيه فإن صلاتكم تعرض علي، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ يعني بليت فقال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسام الأنبياء)

الصفحة 139