كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 141 """"""
ربهم يزرقون} والأنبياء أولى بذلك فهم أجل وأعظم وما نبي إلا وقد جمع مع النبوة وصف الشهادة فيدخلون في عموم لفظ الآية.
وأخرج أحمد، وأبو يعلى، والطبراني، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في دلائل النبوة عن ابن مسعود قال: لأن أحلف تسعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قتل قتلاً أحب إليّ من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل وذلك أن الله اتخذه نبياً واتخذه شهيداً. وأخرج البخاري، والبيهقي عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلّم يقول في مرضه الذي توفي فيه: لم أزل أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان انقطع أبهري من ذلك السم، فثبت كونه صلى الله عليه وسلّم حياً في قبره بنص القرآن إما من عموم اللفظ وإما من مفهوم الموافقة، قال البيهقي في كتاب الإعتقاد: الأنبياء بعد ما قبضوا ردت إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء، وقال القرطبي في التذكرة في حديث الصعقة نقلاً عن شيخه: الموت ليس بعدم محض وإنما هو انتقال من حال إلى حال، ويدل على ذلك أن الشهداء بعد قتلهم وموتهم أحياء يرزقون فرحين مستبشرين وهذه صفة الأحياء في الدنيا، وإذا كان هذا في الشهداء فالأنبياء أحق بذلك وأولى، وقد صح أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء وأنه صلى الله عليه وسلّم اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفي السماء ورأى موسى قائماً يصلي في قبره وأخبر صلى الله عليه وسلّم بأنه يرد السلام على كل من يسلم عليه، إلى غير ذلك مما يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما هو راجع إلى أن غيبوا عنا بحيث لا ندركهم وإن كانوا موجودين أحياء وذلك كالحال في الملائكة فإنهم موجودون أحياء ولا يراهم أحد من نوعنا إلا من خصه الله بكرامته من أوليائه انتهى، وسئل البارزي عن النبي صلى الله عليه وسلّم هل هو حي بعد وفاته؟ فأجاب إنه صلى الله عليه وسلّم حي.
قال الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي الفقيه الأصولي شيخ الشافعية في أجوبة مسائل الجاجرميين قال: المتكلمون المحققون من أصحابنا أن نبينا صلى الله عليه وسلّم حي بعد وفاته وأنه يسر بطاعات أمته ويحزن بمعاصي العصاة منهم، وأنه تبلغه صلاة من يصلي عليه من أمته وقال: إن الأنبياء لا يبلون ولا تأكل الأرض منهم شيئاً، وقد مات موسى في زمانه وأخبر نبينا صلى الله عليه وسلّم أنه رآه في قبره مصلياً، وذكر في حديث المعراج أنه رآه في السماء الرابعة وأنه رأى آدم في السماء الدنيا ورأى إبراهيم وقال له مرحباً بالابن الصالح، والنبي الصالح وإذا صح لنا هذا الأصل قلنا نبينا صلى الله عليه وسلّم قد صار حياً بعد وفاته وهو على نبوته، هذا آخر كلام الأستاذ.
وقال الحافظ شيخ السنة أبو بكر البيهقي في كتاب الإعتقاد: الأنبياء عليهم السلام بعد ما قبضوا ردت إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء، وقد رأى نبينا صلى الله عليه وسلّم جماعة منهم وأمهم في الصلاة وأخبر وخبره صدق أن صلاتنا معروضة عليه وان سلامنا يبلغه وأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء قال: وقد أفردنا لإثبات حياتهم كتاباً قال: وهو بعد ما قبض نبي الله ورسوله وصفيه وخيرته من خلقه صلى الله عليه وسلّم اللهم أحينا على سننه وأمتنا على ملته واجمع بيننا وبينه في الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير، انتهى جواب البارزي.

الصفحة 141