كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 153 """"""
المخالفة لشريعة الإنجيل لعلمه بأنه سينزل في أمته ويحكم فيهم بشريعته فأخذها بلا واسطة ، وقد روى ابن عساكر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( الا إن ابن مريم ليس بيني وبينه نبي ولا رسول إلا أنه خليفتي في أمتي من بعدي ) وقد رأيت في عبارة السبكي في تصنيف له ما نصه إنما يحكم عيسى بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلّم بالقرآن والسنة وحينئذ فيترجح أن أخذه للسنة من النبي صلى الله عليه وسلّم بطريق المشافهة من غير واسطة وقد عده بعض المحدثين في جملة الصحابة هو ، والخضر ، وإلياس قال الذهبي في تجريد الصحابة : عيسى ابن مريم عليه السلام نبي وصحابي فإنه رأى النبي صلى الله عليه وسلّم وسلم عليه فهو آخر الصحابة موتاً انتهى.
وقول السائل : وكيف حكمه في أموال بيت المال أيقر ذلك على ما هو الآن ؟ كلام في غاية العجب فإن أموال بيت المال جارية الآن على غير القانون الشرعي ولا يقر نبي على ذلك ، وقد قال أصحابنا في المواريث : أنه لا يورث بيت المال إلا عند انتظامه ؛ وانتظامه أن يكون كما كان في أيام الصحابة ، وقد قال ابن سراقة من أئمتنا وهو قبل الأربعمائة : لبيت المال سنين كثيرة ما استقام فكيف قرب التسعمائة ولا يزداد الأمر إلا شدة وقد ألفت كتاباً في آداب الملوك من طالع ما فيه من الأحاديث والآثار علم أن غالب أمور بيت المال جارية الآن على غير القانون الشرعي ، وقد وردت الأحاديث بأن المهدي يأتي قبل عيسى ابن مريم فيملأ الأرض عدلاً بعد ما ملئت جوراً ، ويأتي عيسى فيقر صنع المهدي ، ومما يعدل فيه المهدي أنه يقسم بين المسلمين فيئهم الذي استولى عليه ولاة الأتراك وأكلوه واستبدلوا به دونهم.
روى الإمام أحمد في مسنده ، والبزار ، والطبراني ، وأبو نعيم ، والحاكم في مستدركه بسند صحيح عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( يوشك أن يملأ الله أيديكم من العجم فيأكلون فيئكم ) وورد ذلك أيضاً من حديث أنس ، وحذيفة ، وابن عمرو ، وأبي موسى الأشعري ، وروى ابن حبان في صحيحه عن أم سلمة قالت : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم في المهدي أنه يقسم بين المسلمين فيئهم ويعمل فيهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلّم ويلقى الإسلام بجرانه إلى الأرض يمكث سبع سنين ). وأخرج أحمد في مسنده ، وأبو يعلى بسند جيد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( أبشركم بالمهدي يبعث على اختلاف من الناس وزلازل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحاً ؟ قيل : ما صحاحاً ؟ قال : بالسوية بين الناس ويملأ قلوب أمة محمد غنى ويسعهم عدله حتى يأمر منادياً فينادي من له في مال حاجة فما يقوم من الناس إلا رجل واحد فيكون كذلك سبع سنين ) وقول السائل : وما صدر فيها من الأوقاف ؟ جوابه أن ما كان منها وقفاً على وجوه البر ، ومصالح المسلمين ، والعلماء ، والقراء ، وذرية النبي صلى الله عليه وسلّم ، وأقاربه ، والفقراء ، والمرضى ، والزمنى ، والمنقطعين ، والمدارس ، والمساجد ، والحرمين ، وبيت المقدس ، وكسوة الكعبة ، وما شاكل ذلك فهو وقف صحيح موافق للشريعة فيقره ، وما

الصفحة 153