"""""" صفحة رقم 154 """"""
كان وقفاً على نساء الملوك ، والأمراء ، وأولادهم فهو وقف باطل مخالف للشريعة فيبطله.
ثم ظهر لي طريق رابع وهو أن عيسى عليه السلام إذا نزل يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلّم في الأرض فلا مانع من أن يأخذ عنه ما احتاج إليه من أحكام شريعته ومستندي في هذا الطريق أمور :.
الأول : ما أخرجه أبو يعلى في مسنده عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : ( والذي نفسي بيده لينزلن عيسى ابن مريم ثم لئن قام على قبري فقال يا محمد لأجيبنه ).
وأخرج ابن عساكر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( ليهبطن الله عيسى ابن مريم حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً فليسلكن فج الروحاء حاجاً أو معتمراً وليقفن على قبري فليسلمن علي ولأردن عليه ).
الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلّم في حياته كان يرى الأنبياء ويجتمع بهم في الأرض كما تقدم أنه رأى عيسى في الطواف وصح أنه صلى الله عليه وسلّم مر على موسى وهو يصلي في قبره ، وصح أنه صلى الله عليه وسلّم قال : ( الأنبياء أحياء يصلون ) فكذلك إذا نزل عيسى عليه السلام إلى الأرض يرى الأنبياء ويجتمع بهم ومن جملتهم النبي صلى الله عليه وسلّم فيأخذ عنه ما احتاج إليه من أحكام شريعته.
الثالث : أن جماعة من أئمة الشريعة نصوا على أن من كرامة الولي أنه يرى النبي صلى الله عليه وسلّم ويجتمع به في اليقظة ويأخذ عنه ما قسم له من معارف ومواهب ، وممن نص على ذلك من أئمة الشافعية الغزالي ، والبارزي ، والتاج ابن السبكي ، والعفيف اليافعي ، ومن أئمة المالكية القرطبي ، وابن أبي جمرة ، وابن الحاج في المدخل. وقد حكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً فقال له الولي : هذا الحديث باطل فقال الفقيه : ومن أين لك هذا ؟ فقال : هذا النبي صلى الله عليه وسلّم واقف على رأسك يقول : إني لم أقل هذا الحديث وكشف للفقيه فرآه ، وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي : لو حجبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم طرفة عين ما عددت نفسي مع المسلمين.
فإذا كان هذا حال الأولياء مع النبي صلى الله عليه وسلّم فعيسى النبي صلى الله عليه وسلّم أولى بذلك أن يجتمع به في أي وقت شاء ويأخذ عنه ما أراد من أحكام شريعته من غير احتياج إلى اجتهاد ولا تقليد لحفاظ الحديث.
الرابع : أنه روي عن أبي هريرة أنه لما أكثر الحديث وأنكر عليه الناس قال : لئن نزل عيسى ابن مريم قبل أن أموت لأحدثنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيصدقني فقوله : فيصدقني دليل على أن عيسى عليه السلام عالم بجميع سنة النبي صلى الله عليه وسلّم من غير احتياج إلى أن يأخذها عن أحد من الأمة حتى أن أبا هريرة الذي سمع النبي صلى الله عليه وسلّم احتاج إلى أن يلجأ إليه يصدقه فيما رواه ويزكيه هذا آخر الجواب ثم أن مولانا أمير المؤمنين وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم على المسلمين وابن عم سيد المرسلين الإمام المتوكل على الله أعزه الله وأعز به الدين وهو الآمر بالكتابة أولاً أعاد الأمر ثانياً هل ثبت أن عيسى عليه السلام بعد نزوله يأتيه وحي ؟ والجواب نعم روى مسلم ، وأحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وغيرهم من حديث