كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 166 """"""
الاحتفال بالأطفال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
مسألة: اختلف في الأطفال هل يفتنون في قبورهم ويسألهم منكر ونكير أو لا؟ على قولين شهيرين حكاهما ابن القيم في كتاب الروح عن أصحابه الحنابلة ورأيتهما أيضاً للحنفية، وللمالكية ويخرجان من كلام أصحابنا الشافعية، أحدهما أنهم لا يسألون وبه جزم النسفي من الحنفية وهو مقتضى كلام ابن الصلاح، والنووي، وابن الرفعة، والسبكي، وصرح به الزركشي، وأفتى به الحافظ ابن حجر. والثاني أنهم يسألون رويناه عن الضحاك من التابعين وجزم به من الحنفية البزازي، والبيكساري، والشيخ أكمل الدين وهو مقتضى كلام ابن فورك، والمتولي، وابن يونس من أصحابنا ونقله الشيخ سعد الدين التفتازاني عن أبي شجاع، وجزم به من المالكية القرطبي في التذكرة، والفاكهاني، وابن ناجي، والأقفهسي، وصححه صاحب المصباح في علم الكلام.
ذكر نقول القول الأول: قال النسفي في بحر الكلام: الأنبياء وأطفال المؤمنين ليس عليهم حساب، ولاعذاب القبر، ولا سؤال منكر ونكير، وقال النووي في الروضة من زوائده، وفي شرح المهذب: إنما هو في حق الميت المكلف أما الصبي ونحوه فلا يلقن، قال الزركشي في الخادم: هذا تابع فيه ابن الصلاح فإنه قال: لا أصل لتلقينه يعني لأنه لا يفتن في قبره وقال في موضع آخر في الخادم ما قاله ابن الصلاح، والنووي مبني على أنه لا يسأل في قبره انتهى. وقد تابعهما على ذلك ابن الرفعة في الكفاية، والسبكي في شرح المنهاج، وسئل الحافظ ابن حجر عن الأطفال هل يسألون؟ فأجاب بأن الذي يظهر اختصاص السؤال بمن يكون مكلفاً.
ذكر نقول القول الثاني: أخرج ابن جرير في تفسيره عن جويبر قال: مات ابن للضحاك بن مزاحم ابن ستة أيام فقال: إذا وضعت ابني في لحده فأبرز وجهه وحل عقده فإن ابني مجلس ومسئول فقلت: عم يسأل؟ قال: عن الميثاق الذي أقر به في صلب آدم، وقال البزازي من الحنفية في فتاويه: السؤال لكل ذي روح حتى الصبي والله تعالى يلهمه، وقال الزركشي في الخادم قد صرح ابن يونس في شرح التعجيز بأنه يستحب تلقين الطفل، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلّم لقن ابنه إبراهيم قال: وهذا احتج به المتولي في أصل المسألة، وقال السبكي في شرح المنهاج: إنما يلقن الميت المكلف أما الصبي فلا يلقن، وقال في التتمة: إن النبي صلى الله عليه وسلّم لما لحد ابنه إبراهيم لقنه وهذا غريب انتهى.
وعبارة التتمة الأصل في التلقين ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما دفن إبراهيم قال: (قل الله ربي ورسولي أبي والإسلام ديني فقيل له يا رسول الله أنت تلقنه فمن يلقننا؟ فأنزل الله تعالى:

الصفحة 166