كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 167 """"""
) يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة () انتهى. وقال الشيخ سعد الدين في شرح العقائد: قال أبو شجاع: إن للصبيان سؤالاً. وقال صاحب المصباح: الأصح أن الأنبياء لا يسألون وتسأل أطفال المسلمين. وتوقف أبو حنيفة في سؤال أطفال المشركين. وقال القرطبي في التذكرة: فإن قالوا ما حكم الصغار عندكم؟ قلنا هم كالبالغين وأن العقل يكمل لهم ليعرفوا بذلك منزلتهم وسعادتهم ويلهمون الجواب عما يسألون عنه، هذا ما تقتضيه ظواهر الأخبار، وقد جاء أن القبر ينضم عليهم كما ينضم على الكبار، وقد روى هناد بن السري عن أبي هريرة أنه كان يصلي على المنفوس ما عمل خطيئة قط فيقول: اللهم أجره من عذاب القبر انتهى. والأولون قالوا: إنما يكون السؤال لمن عقل الرسول والمرسل فيسأل هل آمن بالرسول وأطاعه أم لا؟ قالوا: والجواب عن حديث أبي هريرة أنه ليس المراد فيه بعذاب القبر عقوبته ولا السؤال بل مجرد الألم بالغم، والهم، والحسرة، والوحشة، والضغطة التي تعم الأطفال وغيرهم، وقد يستشهد لأصحاب القول الثاني بما أخرجه ابن شاهين في السنة قال: حدثنا عبد الله بن سليمان قال: ثنا عمرو بن عثمان قال: ثنا بقية قال: حدثني صفوان قال: حدثني راشد قال: كان النبي صلى الله عليه وسلّم يقول: تعلموا حجتكم فإنكم مسؤلون حتى إن كان أهل البيت من الأنصار يحضر الرجل منهم الموت فيوصونه. والغلام إذا عقل فيقولون له إذاً سألوك من ربك؟ فقل الله ربي، وما دينك؟ فقل الإسلام ديني، ومن نبيّك؟ فقل محمد صلى الله عليه وسلّم، وإنما رجحت القول الأول في كتاب شرح الصدور وغيره تبعاً لأهل مذهبنا فإن الأئمة المتأخرين منهم عليه والله تعالى أعلم، ثم رأيت في شرح الرسالة لأبي زيد عبد الرحمن الجزولي ما نصه يظهر من أكثر الأحاديث أن المؤمنين يفتنون في قبورهم سواء كانوا مكلفين أو غير مكلفين ويؤخذ من بعض الأحاديث أنه إنما أراد المكلفين، ويظهر من كلام أبي محمد هنا ومما يأتي أنه أراد المكلفين، وغير المكلفين لأنه قال فيما يأتي: أنه أراد المكلفين وعافه من فتنة القبر، وللشيوخ هنا تأويلان فمنهم من ترك الكتاب على ظاهره ومنهم من قيده فقال: يريد المكلفين ولكن يناقضه ما قال في الجنائز انتهى.
وقال يوسف بن عمر في شرح الرسالة: المراد بالمؤمنين في قوله: (وأن المؤمنين يفتنون في قبورهم) غير المجاهدين الشهيدين في سبيل الله وغير الصبيان على قول. وقال الشيخ أكمل الدين في الإرشاد: السؤال لكل ميت كبير أو صغير يسأل إذا غاب عن الآدميين، وإذا مات في البحر أو أكله السبع فهو مسئول، والأصح أن الأنبياء عليهم السلام لا يسألون، ثم رأيت الحديث المشار إليه في تلقين إبراهيم أورده الأستاذ أبو بكر ابن فورك في كتابه المسمى بالنظامي في أصول الدين مستدلاً به على أصل السؤال وعبارته اعلم أن السؤال في القبر حق وأنكرت المعتزلة ذلك بناء على أصلهم الواهي، ويدل على صحة ما قلناه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه لما دفن ولده إبراهيم وقف على قبره فقال: (يا بني القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول ما يسخط الرب إنا لله وإنا إليه راجعون، يا بني قل الله ربّي

الصفحة 167