كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 172 """"""
قرأها عند ميت هون عليه، ومن قرأها عند والدة عسر عليها ولدها يسر عليها، ومن قرأها فكأنما قرأن القرآن إحدى عشرة مرة ولكل شيء قلب وقلب القرآن يس. ثم قال عقبه: هكذا نقل إلينا عن أبي قلابة وهو من كبار التابعين ولا نقول ذلك إن صح عنه إلا بلاغاً.
وروى الإمام مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أنه كان يقول: إن المصلي ليصلي الصلاة وما فاته وقتها ولما فاته من وقتها أعظم أو أفضل من أهله وماله، قال ابن عبد البر: هذا له حكم المرفوع إذ يستحيل أن يكون مثله رأياً ويحيى بن سعيد [من صغار التابعين، وروى مالك في الموطأ أيضاً عن سعيد] ابن المسيب أنه كان يقول: من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك، فإن أذن وأقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال، قال بعضهم: هذا لا يقال بالرأي فهو مرفوع، وهذا استدل به السبكي في الحلبيات على حصول فضيلة الجماعة بذلك، وروى عبد الرزاق عن عكرمة قال: صفوف أهل الأرض على صفوف أهل السماء فإذا وافق آمين في الأرض آمين في السماء غفر للعبد أورده الحافظ ابن حجر في شرح البخاري في تفسير قوله صلى الله عليه وسلّم: (فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة) وقال: مثله لا يقال بالرأي فالمصير إليه أولى وعكرمة تابعي وهذا الأثر الذي نحن فيه من ذلك فإنه من أحوال البرزخ التي لا مدخل للرأي والاجتهاد فيها ولا طريق إلى معرفتها إلا بالتوقيف والبلاغ عمن يأتيه الوحي وقد قال ذلك عبيد بن عمير، وطاوس وهما من كبار التابعين فيكون حكمه حكم الحديث المرفوع المرسل وإن ثبتت صحبة عبيد بن عمير فحكمه حكم المرفوع المتصل، قال ابن عبد البر في التمهيد في شرح حديث فتنة القبر وسؤاله: أحكام الآخرة لا مدخل فيها للقياس والاجتهاد ولا للنظر والاحتجاج والله يفعل ما يشاء لا شريك له، وقال القرطبي في التذكرة: هذا الباب ليس فيه مدخل للقياس ولا مجال للنظر فيه وإنما فيه التسليم والانقياد لقول الصادق المرسل إلى العباد انتهى.
ويؤيد ما ذكرناه أن هذه الأمور إذا صدرت من التابعين تحمل على الرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما أخرجه ابن أبي الدنيا بسنده عن أبي جعفر محمد بن علي قال: كان علي بن حسين يذكر أن العبد إذا احتمل إلى قبره نادى حملته إذا بشر بالنار فيقول يا أخوتاه ما علمتم ما عاينت بعدكم إن أخاكم بشر بالنار فيا حسرتاه على ما فرطت في جنب الله أنشد بالله كل ولد أو جار أو صديق أو أخ إلا احتبسني عن قبري فإنه ليس بين صاحبكم وبين النار إلا أن تواروه في التراب والملائكة ينادون امض عدو الله فإذا دنا من حفرته يقول ما لي من شفيع مطاع ولا صديق حميم، ثم إذا أدخل القبر ضرب ضربة تذعر لها كل دابة غير الجن والإنس. وأما ولي الله إذا احتمل إلى قبره وبشر بالجنة نادى حملته يا اخوتاه أما علمتم أني بشرت بعدكم بالرضا من الله والجنة والنجاة من سخط الله والنار فعجلوا بي إلى حفرتي) فيا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين (والملائكة ينادون امض ولي الله إلى رب كريم يثيب بالشيء اليسير العظيم الجزيل، اللهم اجعلها غدوة أو روحة إلى الجنة، فإذا أدخل القبر تلقى بحزمة من ريحان الجنة يجد ريحها كل ذي ريح

الصفحة 172