كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 177 """"""
تفتنون، وقال الجزولي في شرح الرسالة: الفتنة تأتي والمراد بها الكفر وهو قوله تعالى:) والفتنة أشد من القتل (وتأتي والمراد بها الاحتراق وهو قوله:) يوم هم على النار يفتنون (وتأتي والمراد بها الميل وهو قوله:) وإن كادوا ليفتنونك (وتطلق ويراد بها الضلال قال تعالى:) إن هي إلا فتنتك (وتطلق ويراد بها المرض قال تعالى:) أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين (وتطلق ويراد بها الإختبار وهو قوله تعالى:) وفتناك فتونا (أي اختبرناك قال: وهو المراد هنا فيكون قوله: تفتنون معناه تختبرون، وقال الإمام علم الدين السخاوي في أرجوزته في أصول الدين:
وكل ما أتاك عن محمد
صلى عليه الله خذه ترشد
من فتنة في العباد في القبور
والعرض يوم البعث والنشور
قال شارحه: فتنة القبور سؤال منكر ونكير.
الوجه السابع: إن قال قائل: لم يرد في سائر الأحاديث تصريح بذكر سبعة أيام. قلنا: ولا ورد فيها تصريح بنفيها ولا تعرض لكون الفتنة مرة أو أكثر بل هي مطلقة صادقة بالمرة وبأكثر، فإذا ورد ذكر السبعة من طريق مقبول وجب قبوله، وكان عند أهل الحديث من باب زيادات الثقات المقبولة، وعند أهل الأصول من باب حمل المطلق على المقيد، ونظيره إن أكثر أحاديث السؤال وردت مطلقة، وورد في حديثين أن السؤال يعاد عليه في المجلس الواحد ثلاث مرات. فحمل ذلك الإطلاق على هذا، والحديثان المشار إليهما أحدهما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من حديث أبي قتادة بسند حسن والآخر أخرجه ابن مردويه في تفسيره من حديث ابن عباس بسند ضعيف، ونظيره أيضاً أنه ورد في أحاديث مجيء ملكين وفي أحاديث مجيء ملك واحد قال القرطبي: لا تنافي بينهما لأن الذي روى مجيء ملك لم يقل في روايته ولا يأتيه غيره، وكذلك نقول: إن الأحاديث المطلقة لم يقل فيها ولا يفتن سوى يوم واحد ولا قيل ولا يأتيان بعد اليوم الأول فلا تنافي بينها وبين رواية أنهم يفتنون سبعاً.
الوجه الثامن: إن قيل إعادة السؤال بعد اليوم الأول هل هو تأسيس أو تأكيد؟ فالجواب أنه تأكيد فما هو إلا سؤال واحد عن ربه ودينه ونبيه، وجواب واحد يكرر عليه بعد السؤال والجواب الأول للتأكيد، وقد ورد الحديث بأنهم لا يسألون عن شيء سوى ذلك ونص عليه العلماء.
الوجه التاسع: إن قيل فما الحكمة في التكرير سبعاً وهلا اكتفى بالأول؟.
فالجواب أولاً أن نقول هل ظننت أن المقصود من السؤال علم ما عنده حتى إذا أجاب أول مرة حصل المقصود؟ معاذ الله لا يظن ذلك عاقل قد علم الله ما هو عليه قبل السؤال بل وعلم ذلك الملكان أيضاً، ولذا ورد في الصحيح أنهما يقولان له إذا أجاب نم صالحاً فقد

الصفحة 177