"""""" صفحة رقم 184 """"""
أسودان أزرقان يطان في شعورهما وينتحتان الأرض بأنيابهما يمشيان في الأرض كما يمشي أحدكم في الضباب بيد كل واحد منهما مرزبة من حديد لو وضعت على أعلى جبل في الدنيا لذاب كما يذوب الرصاص فيسألانه فقال له عمر: وأنا كما أنا الآن؟ قال: نعم فقال: إذن والله أخاصمهما فرآه ابنه عبد الله بعد موته فقال له: ما كان منك؟ فقال له: أتاني الملكان فقالا لي من ربك ومن نبيكن؟ فقلت ربي الله ونبي محمد وأنتما من ربكما فنظر أحدهما إلى الآخر فقال إنه عمر فوليا عني) قال الجزولي: ومثله يروى عن أبي المعالي أنهما وقفا عليه وهابا أن يكلماه فقال لهما: ما شأنكما أنتما ملكا ربي أفنيت في ذكره عمري ويسرت لنصرته فما عسى أن تقولا وقد امتلأت الدنيا بأقوالي وسميت فيها أبا المعالي؟ فقالا: قد علمنا أنك أبو المعالي نم هنيئاً ولا تبالي. قلت: أبو المعالي هو إمام الحرمين وهذا الذي وقع له من بركة العلم، فلو لم يكن من بركة العلم إلا هذا الإكرام لكان فيه كفاية، ويشبه هذا ما أخرجه الحافظ أبو الطاهر السلفي في الطيوريات عن سهل بن عمار قال: رأيت يزيد بن هرون في المنام بعد موته فقلت ما فعل الله بك؟ قال: أتاني في قبري ملكان فظان غليظان فقالا من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فأخذت بلحيتي البيضاء وقلت لمثلي يقال وقد علمت الناس جوابكما ثمانين سنة فذهبا، وقال الحافظ أبو القاسم اللالكائي في السنة: أخبرنا محمد بن المظفر بن حرب ثنا إبراهيم بن محمد بن عثمان النيسابوري قال: سمعت أحمد بن محمد الحيري المزكي يقول: حدثني عبد الله بن الحرث الصنعاني قال: سمعت حوثرة بن محمد المنقري البصري يقول رأيت يزيد بن هرون الواسطي في المنام بعد موته بأربع ليال فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: تقبل مني الحسنات وتجاوز عن السيئات ووهب لي التبعات، قلت: وما كان بعد ذلك؟ قال: وهل يكون من الكريم إلا الكرم؟ غفر لي ذنوبي وأدخلني الجنة، قلت: فبم نلت الذي نلت؟ قال: بمجالس الذكر، وقول الحق وصدقي في الحديث وطول قيامي في الصلاة وصبري على الفقر، قلت: ومنكر ونكير حق؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو لقد أقعداني وسألاني وقالا لي من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فجعلت أنفض لحيتي البيضاء من التراب فقلت مثلي يسأل أنا يزيد بن هرون الواسطي وكنت في دار الدنيا ستين سنة أعلم الناس، فقال أحدهما: صدق هو يزيد بن هرون نم نومة العروس فلا روعة عليك بعد اليوم، وقال الحافظ أبو طاهر السلفي في انتخابه لحديث الفراء: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد، الأرتاحي أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء أنا أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري الحافظ ثنا القاضي أبو الحسن محمد بن إسحاق الملحمي ثنا أحمد بن محمد بن مسروق ثنا محمد بن كثير ابن بنت يزيد بن هرون قال: رأيت جدي يزيد بن هرون في النوم فقلت له يا جدي كيف رأيت منكراً ونكيراً؟ فقال يا بني جاءاني فأجلساني في قبري وقالا لي من ربك؟ فقلت لهما ألي يقال هذا وقد كنت أعلم الناس الدين منذ ثمانين سنة؟.