كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 188 """"""
وكم له في الخلد من زوجة
من بشر والحور في قصره
والحور والولدان جنس سوى
ليسوا بني آدم فاستقره

تحفة الجلساء برؤية الله للنساء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
مسألة: رؤية الله تعالى يوم القيامة في الموقف حاصلة لكل أحد الرجال، والنساء بلا نزاع، وذهب قوم من أهل السنة إلى أنها تحصل فيه للمنافقين أيضاً. وذهب آخرون منهم إلى أنها تحصل للكافرين أيضاً ثم يحجبون بعد ذلك ليكون عليهم حسرة، وله شاهد رويناه عن الحسن البصري، وأما الرؤية في الجنة فأجمع أهل السنة أنها حاصلة للأنبياء، والرسل، والصديقين من كل أمة ورجال المؤمنين من البشر من هذه الأمة، واختلف بعد ذلك في صور: إحداها النساء: من هذه الأمة وفيهن ثلاثة مذاهب للعلماء حكاها جماعة منهم الحافظ عماد الدين بن كثير في أواخر تاريخه: أحدهما أنهن لا يرين لأنهن مقصورات في الخيام ولأنه لم يرد في أحاديث الرؤية تصريح برؤيتهن. والثاني أنهن يرين أخذاً من عمومات النصوص الواردة في الرؤية. والثالث أنهن يرين في مثل أيام الأعياد فإنه تعالى يتجلى في مثل أيام الأعياد لأهل الجنة تجلياً عاماً فيرينه [في مثل هذه الحال دون غيرها، قال ابن كثير: وهذا القول يحتاج] إلى دليل خاص عليه، وقال الحافظ ابن رجب في اللطائف: كل يوم كان للمسلمين عيداً في الدنيا فإنه عيد لهم في الجنة يجتمعون فيه على زيارة ربهم ويتجلى لهم فيه ويوم الجمعة يدعى في الجنة يوم المزيد ويوم الفطر، والأضحى يجتمع أهل الجنة فيهما للزيارة، وروي أنه يشارك النساء الرجال فيهما كما كنّ يشهدن العيدين مع الرجال دون الجمعة هذا لعموم أهل الجنة فأما خواصهم فكل يوم لهم عيد يزورون ربهم كل يوم بكرة وعشياً انتهى.
قلت: الحديث الذي أشار إليه ابن رجب ولم يقف عليه ابن كثير أخرجه الدارقطني في كتاب الرؤية قال: حدثنا أحمد بن سلمان بن الحسن ثنا محمد بن عثمان ابن محمد ثنا مروان بن جعفر ثنا نافع أبو الحسن مولى بني هاشم ثنا عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنون ربهم عز وجل فأحدثهم عهداً بالنظر إليه في كل جمعة ويراه المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر).
الثانية: الملائكة: فذهب الشيخ عز الدين بن عبد السلام إلى أنهم لا يرون ربهم لأنهم لم يثبت لهم ذلك كما ثبت للمؤمنين من البشر وقد قال تعالى:) لا تدركه الأبصار (خرج منه مؤمنو البشر بالأدلة الثابتة فبقي على عمومه في الملائكة، ولأن للبشر طاعات لم يثبت مثلها للملائكة كالجهاد، والصبر على البلايا، والمحن، والرزايا،

الصفحة 188