"""""" صفحة رقم 189 """"""
وتحمل المشاق في العبادات لأجل الله، وقد ثبت أنهم يرون ربهم ويسلم عليهم ويبشرهم بإحلال رضوانه عليهم أبداً ولم يثبت مثل هذا للملائكة انتهى؛ وقد نقله عنه جمع من المتأخرين ولم يتعقبوه بنكير. منهم الإمام بدر الدين الشبلي صاحب آكام المرجان في أحكام الجان. والعلامة عز الدين بن جماعة في شرح جمع الجوامع ولكن الأقوى أنهم يرونه فقد نص على ذلك إمام أهل السنة والجماعة الشيخ أبو الحسن الأشعري قال في كتابه الإبانة في أصول الديانة ومنه نقلت ما نصه: أفضل لذات الجنة رؤية الله تعالى ثم رؤية نبيه صلى الله عليه وسلّم فلذلك لم يحرم الله أنبياءه المرسلين، وملائكته المقربين، وجماعة المؤمنين، والصديقين النظر إلى وجهه عز وجل انتهى. وقد تابعه على ذلك الإمام الحافظ البيهقي قال في كتاب الرؤية باب ما جاء في رؤية الملائكة ربهم أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأحمد بن الحسن قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق حدثني أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبيه سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث مروان بن الحكم قال: خلق الله الملائكة لعبادته أصنافاً وأن منهم لملائكة قياماً صافين من يوم خلقهم إلى يوم القيامة، وملائكة ركوعاً خشوعاً من يوم خلقهم إلى يوم القيامة، وملائكة سجوداً منذ خلقهم إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة تجلى لهم تبارك وتعالى ونظرو إلى وجهه الكريم قالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، وأخبرنا محمد بن عبد الله، وأحمد بن الحسن قال: ثنا أبو العباس ثنا محمد بن إسحاق ثنا روح بن عبادة ثنا عباد بن منصور قال: سمعت عدي بن أرطاة يخطب على منبر المدائن فجعل يعظنا حتى بكى وأبكانا ثم قال: كونوا كرجل قال لابنه وهو يعظه: يا بني أوصيك أن لا تصلي صلاة إلا ظننت أنك لا تصلي بعدها غيرها حتى تموت ولقد سمعت فلاناً نسي عباد اسمه ما بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلّم غيره قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: (إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من مخافته ما منهم ملك تقطر دمعة من عينه إلا وقعت ملكاً يسبح قال: وملائكة سجوداً منذ خلق الله السموات والأرض لم يرفعوا رؤوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة [وركوعاً لم يرفعوا رؤوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة] وصفوفاً لم ينصرفوا عن مصافهم ولا ينصوفون إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة تجلى لهم ربهم فينظرون إليه قالوا سبحانك ما عبدناك كما ينبغي لك) أخرجه أبو الشيخ في العظمة ولفظه: (فإذا رفعوا ونظروا إلى وجه الله تعالى قالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك). وممن قال برؤية الملائكة من المتأخرين العلامة شمس الدين بن القيم، وقاضي القضاة جلال الدين البلقيني وهو الأرجح بلا شك، ومنهم من قال إن جبريل عليه السلام يراه دون سائر الملائكة لأنه وقف على الحديث الذي ورد فيه رؤيته ولم يقف على الحديثين السابقين في رؤية الملائكة على العموم ومشى عليه أبو إسحاق [إسماعيل] الصفار البخاري من الحنفية فإني رأيت في أسئلته المشهورة ما نصه سئل عن الملائكة هل يرون ربهم؟ فأجاب اعتماد والدي الشهيد [أنهم] لا يرون ربهم سوى