كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 191 """"""
رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (إن الله ليتجلى للناس عامة ويتجلى لأبي بكر خاصة) في المغني للذهبي علي بن عبدة وضاع وقلتم في تأليفكم النكت البديعيات على الموضوعات إن للحديث طريقاً على شرط الحسن، وأخرجه الحاكم في المستدرك بلفظ يتجلى للخلائق فلم لم تستدلوا به على رؤية الملائكة يوم القيامة مع ذينك الحديثين واللفظ الأول يستدل به على الرؤية لبني آدم مطلقاً الرجال والنساء في العيد وغيره وأنه ليس مقيداً بوقت معلوم لا سيما وهو حسن.
الجواب: الاستدلال إنما يكون بالألفاظ التي لا يطرقها الإحتمال، ومتى طرق اللفظ الإحتمال سقط به الاستدلال، والخلائق يحتمل أن يحمل على بني آدم فلا يستدل به على الملائكة خصوصاً. وقد ورد بلفظ الناس الخاص ببني آدم وهذان التجلي العام يمكن حمله أولاً على الذكور الذين يحضرون الزيارة فيكون من خصوص الأفراد، ويمكن حمله على التجلي أيام الأعياد فيكون من خصوص الأوقات ويشمل الإناث، ويمكن حمله وهو الأظهر على التجلي في الموقف وذلك شامل للخلق بأسرهم: الإنس، والجن، والملائكة، والذكور، والإناث، وإن ورد في بعض ألفاظه يوم القيامة قوى هذا الحمل الأخير فانزاح الإشكال والله أعلم.

مسالك الحنفا في والدي المصطفى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
مسألة: الحكم في أبوي النبي صلى الله عليه وسلّم أنهما ناجيان وليسا في النار صرح بذلك جمع من العلماء ولهم في تقرير ذلك مسالك: المسلك الأول: أنهما ماتا قبل البعثة ولا تعذيب قبلها لقوله تعالى:) وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً (وقد أطبقت أئمتنا الأشاعرة من أهل الكلام والأصول، والشافعية من الفقهاء على أن من مات ولم تبلغه الدعوة يموت ناجياً وأنه لا يقاتل حتى يدعى إلى الإسلام، وأنه إذا قتل يضمن بالدية والكفارة نص عليه الإمام الشافعي رضي الله عنه وسائر الأصحاب بل زاد بعض الأصحاب وقال: إنه يجب في قتله القصاص ولكن الصحيح خلافه لأنه ليس بمسلم حقيقي وشرط القصاص المكافأة، وقد علل بعض الفقهاء كونه إذا مات لا يعذب بأنه على أصل الفطرة ولم يقع منه عناد ولا جاءه رسول فكذبه، وهذا المسلك أول ما سمعته في هذا المقام نحن فيه من شيخنا شيخ الإسلام شرف الدين المناوي فإنه سئل عن والد النبي صلى الله عليه وسلّم هل هو في النار؟ فزأر في السائل زأرة شديدة فقال له السائل: هل ثبت إسلامه؟ فقال: إنه مات في الفترة ولا تعذيب قبل البعثة، ونقله سبط ابن الجوزي في كتاب مرآة الزمان عن جماعة فإنه حكى كلام جده على حديث إحياء أمه صلى الله عليه وسلّم ثم قال ما نصه: وقال قوم قد قال الله تعالى:) وما كنا معذبين حتى

الصفحة 191