"""""" صفحة رقم 192 """"""
نبعث رسولا ( والدعوة لم تبلغ أباه وأمه فما ذنبهما ، وجزم به الأبي في شرح مسلم وسأذكر عبارته ، وقد ورد في أهل الفترة أحاديث أنهم يمتحنون يوم القيامة وآيات مشيرة إلى عدم تعذيبهم وإلى ذلك مال حافظ العصر شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر في بعض كتبه فقال : والظن بآله صلى الله عليه وسلّم يعني الذين ماتوا قبل البعثة أنهم يطيعون عند الإمتحان إكراماً له صلى الله عليه وسلّم لتقرّ بهم عينه ، ثم رأيته قال في الإصابة : ورد من عدة طرق في حق الشيخ الهرم ، ومن مات في الفترة ، ومن ولد أكمه أعمى أصم ، ومن ولد مجنوناً أو طرأ عليه الجنون قبل أن يبلغ ، ونحو ذلك أن كلاً منهم يدلي بججة ويقول لو عقلت أو ذكرت لآمنت فترفع لهم نار ويقال ادخلوها فمن دخلها كانت له برداً وسلاماً ومن امتنع أدخلها كرهاً هذا معنى ما ورد من ذلك قال : وقد جمعت طرقه في جزء مفرد قال : ونحن نرجو أن يدخل عبد المطلب وآل بيته في جملة من يدخلها طائعاً فينجو إلا أبا طالب فإنه أدرك البعثة ولم يؤمن وثبت [ في الصحيح ] أنه في ضحضاح من نار ، وقد جعلت قصة الإمتحان داخلة في هذا المسلك مع أن الظاهر أنها مسلك مستقل لكني وجدت ذلك لمعنى دقيق لا يخفى على ذوي التحقيق.
ذكر الآيات المشيرة إلى ذلك : الأولى : قوله تعالى : ) وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ( وهذه الآية هي التي أطبقت أئمة السنة على الاستدلال بها في أنه لا تعذيب قبل البعثة وردوا بها على المعتزلة ومن وافقهم في تحكم العقل أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم في تفسيريهما عن قتادة في قوله : ) وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ( قال : إن الله ليس بمعذب أحداً حتى يسبق إليه من الله خبر أو تأتيه من الله بينة. الآية الثانية : قوله تعالى : ) ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ( أورد هذه الآية الزركشي في شرح جمع الجوامع استدلالاً على قاعدة أن شكر المنعم ليس بواجب عقلاً بل بالسمع. الثالثة : قوله تعالى : ) ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين ( أورد هذه الزركشي أيضاً ، وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عند هذه الآية بسند حسن عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( الهالك في الفترة يقول رب لم يأتني كتاب ولا رسول ثم قرأ هذه الآية ) ) ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين (. الرابعة : قوله تعالى : ) ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ( أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عند هذه الآية عن عطية العوفي قال : الهالك في الفترة يقول رب لم يأتني كتاب ولا رسول وقرأ هذه الآية ) ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ( إلى آخر الآية. الخامسة : قوله تعالى : ) وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلو عليهم آياتنا ( أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ، وقتادة في الآية قالا : لم يهلك الله ملة حتى يبعث إليهم محمداً صلى الله عليه وسلّم فلما كذبوا وظلموا بذلك هلكوا. السادسة : قوله تعالى : ) وهذا كتاب أنزلناه