كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 204 """"""
سعد عن الواقدي قال: ولد لإبراهيم إسماعيل وهو ابن تسعين سنة فعرف من هذين الأثرين أن بين هجرته من بابل عقب واقعة النار وبين الدعوة التي دعا بها بمكة بضعاً وخمسين سنة.
تتميم: ثم استمر التوحيد في ولد إبراهيم، وإسماعيل، قال الشهرستاني في الملل والنحل: كان دين إبراهيم قائماً والتوحيد في صدر العرب شائعاً وأول من غيره واتخذ عبادة الأصنام عمرو بن لحي. قلت: وقد صح بذلك الحديث، أخرج البخاري، ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار كان أول من سيب السوائب). وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: (إن أول من سيب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر وإني رأيته يجر أمعاءه في النار).
وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير في تفسيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه بالنار أنه أول من غير دين إبراهيم). ولفظ ابن إسحق: (أنه كان أول من غير دين إسماعيل) ونصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي وله طريق أخرى، وأخرج البزار في مسنده بسند صحيح عن أنس قال: كان الناس بعد إسماعيل على الإسلام وكان الشيطان يحدث الناس بالشيء يريد أن يردهم عن الإسلام حتى أدخل عليهم في التلبية: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك، قال: فما زال حتى أخرجهم عن الإسلام إلى الشرك قال السهيلي في الروض الأنف: كان عمرو بن لحي حين غلبت خزاعة على البيت ونفت جرهم عن مكة قد جعلته العرب رباً لا يبتدع لهم بدعة إلا اتخذوها شرعة لأنه كان يطعم الناس ويكسو في الموسم، وقد ذكر ابن إسحاق أنه أول من أدخل الأصنام الحرم وحمل الناس على عبادتها، وكانت التلبية من عهد إبراهيم: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك، حتى كان عمرو بن لحي فبينما هو يلبي تمثل له الشيطان في صورة شيخ يلي معه فقال عمرو: لبيك لا شريك لك، فقال الشيخ: إلا شريكاً هو لك، فأنكر ذلك عمرو وقال: وما هذا؟ فقال. الشيخ: قل تملكه وما ملك فإنه لا بأس بهذا فقالها عمرو ودانت بها العرب، انتهى كلام السهيلي، وقال الحافظ عماد الدين بن كثير في تاريخه: كانت العرب على دين إبراهيم إلى أن ولي عمرو بن عامر الخزاعي مكة وانتزع ولاية البيت من أجداد النبي صلى الله عليه وسلّم فأحدث عمرو المذكور عبادة الأصنام وشرع للعرب الضلالات من السوائب وغيرها وزاد في التلبية بعد قوله لبيك لا شريك لك قوله: إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، فهو أول من قال ذلك، وتبعته العرب على الشرط فشابهوا بذلك قوم نوح وسائر الأمم المتقدمة وفيهم على ذلك بقايا من دين إبراهيم، وكانت مدة ولاية خزاعة على البيت ثلثمائة سنة، وكانت ولايتهم مشئومة إلى أن جاء قصي جد النبي صلى الله عليه وسلّم فقاتلهم واستعان على حربهم بالعرب وانتزع ولاية البيت منهم، إلا أن العرب بعد

الصفحة 204