"""""" صفحة رقم 207 """"""
وقيل: هو أول من سماها الجمعة فكانت قريش تجتمع إليه في هذا اليوم فيخطبهم ويذكرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلّم ويعلمهم أنه من ولده ويأمرهم باتباعه والإيمان به وينشدهم في هذا أبياتاً منها قوله:
يا ليتني شاهداً فحواء دعوته
إذا قريش تبغي الحق خذلانا
قال: وقد ذكر الماوردي هذا الخبر عن كعب في كتاب الأعلام له انتهى.
قلت: هذا الخبر أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة بسند عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف وفي آخره، وكان بين موت كعب ومبعث النبي صلى الله عليه وسلّم خمسمائة سنة وستون سنة والماوردي المذكور هو أحد أئمة أصحابنا، وهو صاحب الحاوي الكبير له كتاب أعلام النبوة في مجلد كثير الفوائد وقد رأيته وسأنقل منه في هذا الكتاب، فحصل مما أوردناه أن آباء النبي صلى الله عليه وسلّم من عهد إبراهيم إلى كعب بن لؤي كانوا كلهم على دين إبراهيم وولد كعب مرة الظاهر أنه كذلك لأن أباء أوصاه بالإيمان وبقي بينه وبين عبد المطلب أربعة آباء وهم: كلاب، وقصي، وعبد مناف، وهاشم ولم أظفر فيهم بنقل لا بهذا ولا بهذا، وأما عبد المطلب ففيه أقوال: أحدها وهو الأشبه أنه لم تبلغه الدعوة لأجل الحديث الذي في البخاري وغيره، والثاني أنه كان على التوحيد وملة إبراهيم وهو ظاهر عموم كلام الإمام فخر الدين وما تقدم عن مجاهد، وسفيان بن عيينة، وغيرهما في تفسير الآيات السابقة، والثالث أن الله أحياه بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلّم حتى آمن به وأسلم ثم مات حكاه ابن سيد الناس وهذا أضعف الأقوال وأسقطها وأوهاها لأنه لا دليل عليه، ولم يرد قط في حديث لا ضعيف ولا غيره، ولا قال هذا القول أحد من أئمة السنة إنما حكوه عن بعض الشيعة، ولهذا اقتصر غالب المصنفين على حكاية القولين الأولين وسكتوا عن حكاية الثالث لأن خلاف الشيعة لا يعتد به، قال السهيلي في الروض الأنف: وفي الصحيح: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم دخل على أبي طالب عند موته وعنده أبو جهل، وابن أبي أمية فقال: يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله فقال له أبو جهل، وابن أبي أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال: أنا على ملة عبد المطلب). قال: فظاهر هذا الحديث يقتضي أن عبد المطلب مات على الشرك قال: ووجدت في بعض كتب المسعودي اختلافاً في عبد المطلب وأنه قد قيل فيه مات مسلماً لما رأى من الدلائل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلّم وعلم أنه لا يبعث إلا بالتوحيد ف الله أعلم غير أن في مسند البزار، وكتاب النسائي من حديث عبد الله بن عمرو: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لفاطمة وقد عزت قوماً من الأنصار عن ميتهم: لعلك بلغت معهم الكدى؟ فقالت لا، فقال: لو كنت بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك). قال: وقد خرجه أبو داود ولم يذكر فيه حتى يراها جد أبيك، قال: