"""""" صفحة رقم 212 """"""
في سبط منهم يتناسلون كما هو معروف في أخبارهم، وأما العشرة المذكورون من غير بني إسرائيل فقد ثبت إيمان أم نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وبقي أم هود، وصالح، ولوط، وشعيب يحتاج إلى نقل أو دليل والظاهر إن شاء الله تعالى إيمانهن فكذلك أم النبي صلى الله عليه وسلّم وكان السر في ذلك ما يرينه من النور كما ورد في الحديث.
أخرج أحمد، والبزار، والطبراني، والحاكم، والبيهقي عن العرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: (أني عبد الله لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم عن ذلك دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت). وكذلك أمهات النبيين يرين وأن أم رسول الله صلى الله عليه وسلّم رأت حين وضعته نوراً أضاءت له قصور الشام، ولا شك أن الذي رأته أم النبي صلى الله عليه وسلّم في حال حملها به وولادتها له من الآيات أكثر وأعظم مما رآه سائر أمهات الأنبياء كما سقنا الأخبار بذلك في كتاب المعجزات، وقد ذكر بعضهم أنه لم ترضعه مرضعة إلا أسلمت قال: ومرضعاته أربع: أمه، وحليمة السعدية، وثويبة، وأم أيمن انتهى.
فإن قلت: فما تصنع بالأحاديث الدالة على كفرها وأنها في النار وهي حديث أنه صلى الله عليه وسلّم قال: (ليت شعري ما فعل أبواي؟ فنزلت:) ولا تسأل عن أصحاب الجحيم () وحديث أنه استغفر لأمه فضرب جبريل في صدره وقال: لا تستغفر لمن مات مشركاً، وحديث أنه نزل فيها:) ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين (، وحديث أنه قال لابني مليكة: (أمكما في النار فشق عليهما فدعاهما فقال: إن أمي مع أمكما). قلت: الجواب أن غالب ما يروى من ذلك ضعيف، ولم يصح في أم النبي صلى الله عليه وسلّم سوى حديث أنه استأذن في الاستغفار لها فلم يؤذن له، ولم يصح أيضاً في أبيه إلا حديث مسلم خاصة وسيأتي الجواب عنهما وأما الأحاديث التي ذكرت فحديث: (ليت شعري ما فعل أبواي) فنزلت الآية لم يخرج في شيء من كتب [الحديث] المعتمدة وإنما ذكر في بعض التفاسير بسند منقطع لا يحتج به ولا يعول عليه، ولو جئنا نحتج بالأحاديث الواهية لعارضناك بحديث واه أخرجه ابن الجوزي من حديث علي مرفوعاً هبط جبريل عليّ فقال: إن الله يقرئك السلام ويقول: إني حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك ويكون من باب معارضة الواهي بالواهي إلا أنا لا نرى ذلك ولا نحتج به.
ثم إن هذا السبب مردود بوجوه أخرى من جهة الأصول، والبلاغة، وأسرار البيان وذلك أن الآيات من قبل هذه الآية ومن بعدها كلها في اليهود من قوله تعالى:) يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون (إلى قوله:) وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات (ولهذا ختمت القصة بمثل ما صدرت به وهو قوله تعالى) يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم (الآيتين فتبين أن المراد بأصحاب الجحيم كفار أهل الكتاب، وقد ورد ذلك مصرحاً به في الأثر أخرج عبد بن حميد، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر في تفاسيرهم عن مجاهد قال: من أول البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين وثلاث عشرة آية في نعت المنافقين، ومن أربعين آية إلى