"""""" صفحة رقم 223 """"""
القيام والرقص في مجالس الذكر والسماع عن جماعة من كبار الأئمة منهم شيخ الإمام عز الدين بن عبد السلام.
مسألة: في قول الشيخ أبي العباس المرسي في حزبه: إلهي معصيتك نادتني بالطاعة وطاعتك نادتني بالمعصية ففي أيهما أخافك وفي أيهما أرجوك؟ إن قلت بالمعصية قابلتني بفضلك فلم تدع لي خوفاً، وإن قلت بالطاعة قابلتني بعدلك فلم تدع لي رجاءً، فليت شعري كيف أرى إحساني مع إحسانك؟ أم كيف أجهل فضلك مع عصيانك؟ ق ج سران من سرك وكلاهما دالان على غيرك فبالسر الجامع الدال عليك لا تدعني لغيرك على كل شيء قدير.
الجواب: حسبما ظهر قوله إلهي معصيتك نادتني بالطاعة يعني لما يتسبب عنها من الندم والخوف والانكسار والذل ورجاء التوبة والاعتراف بالتقصير ونزول المرتبة، وطاعتك نادتني بالمعصية لما قد ينشأ عنها من أضداد ذلك ومن مخالطة العجب والرياء، وفي معنى ذلك ما أخرجه أبو الشيخ بن حيان في كتاب الثواب عن كليب الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: قال الله عز وجل (لولا أن الذنب خير لعبدي المؤمن من العجب ما خليت بين عبدي المؤمن وبين الذنب)، وما أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي هريرة مرفوعاً: (لولا أن المؤمن من يعجب بعمله لعصم من الذنب حتى لا يهم به ولكن الذنب خير له من العجب)، وما أخرجه أبو نعيم وغيره من حديث أنس، وأبي سعيد مرفوعاً: (لو لم تكونوا تذنبون لخفت عليكم ما هو أكير من ذلك العجب العجب). وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء، وأبو نعيم في الحلية من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلّم عن جبريل يقول الله: وإن من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من العبادة فاكفه أن لا يدخله عجب فيفسده ذلك ذكره في أثناء حديث طويل، وأيضاً فالطاعة قد تكون مذمومة لنقصانها بتخلف أمور ينبغي أن لا يتخلف عنها كالذكر ينبغي أن يقارنه حضور القلب ولهذا قال بعض الأولياء: استغفارنا يحتاج إلى استغفار، وكالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينبغي أن يقارنه الإئتمار والإنتهاء، ولهذا قال تعالى في معرض الإنكار والتوبيخ:) أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم (في أحاديث كثيرة في ذم من أمر بالمعروف ولم يأتمر به ونهى عن المنكر ولم ينته عنه، وكالصلاة ينبغي أن تكون ناهية عن الفحشاء والمنكر كما وصفها الله تعالى بذلك، وكالصوم ينبغي أن ينزه عن الغيبة ونحوها كما قال عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) إلى غير ذلك من أفراد الطاعات التي لا تحمد ما لم تبلغ رتبة الكمال وتخلص من شوائب النقصان، قوله: إن قلت بالمعصية قابلتني بفضلك أي ذكرتني فضلك وسعة رحمتك ومغفرتك فلم تدع لي خوفاً وفتحت لي أبواب الرجاء، في الحديث: (لولا أنكم تذنبون لجاء الله بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم) إلى غير ذلك من الأحاديث في هذا المعنى. قوله: وإن قلت بالطاعة قابلتني بعدلك أي ذكرتني ما لي من الذنوب وما في طاعتي من التقصير الذي يكاد أن